كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

المستحق - وصل الله أنعمه لديه، كما قصر الفضل عليه - كتابه البليغ، واستدراجه المريغ، فلولا أن يصلد زند اقتداحه، ويرتد طرف افتتاحه، وتنقبض [216أ] يد انبساطه، وتغبن صفقة اغتباطه، للزمت معه مركز قدري، وضن بسره صدري، لكنه بنفثة سحره يسمع الصم، ويستنزل العصم، ويقتاد الصعب فيصحب، ويستدر الضجور فتحلب، ولما فجأني ابتداؤه، وقرع سمعي نداؤه، فزعت إلى الفكر، وخفق القلب الأمن والحذر، فطارت من الفقر أوابد قفر، وشوارد عفر، تغبر في [وجوه] سوابقها، ولا يتوجه اللحاق لوجيهها ولاحقها، فعلمت أنها الإهابة والمهابة، والإصابة والاسترابة، حتى أيأستني الخواطر، وأخلفتني المواطر، إلا زبرجا يعقب جوادا، وبهرجا لا يحتمل انتقادا، وأنى لمثلي والقريحة مرجاة، والبضاعة مزجاة، ببراعة الخطاب، وبزاعة الكتاب، ولولا دروس معالم البيان، واستيلاء العفاء على هذا الشان، لما فاز لمثلي فيه قدح، ولا تحصل [لي] في سوقه ربح، ولكنه جو خال، ومضمار جهال.
وفي فصل منها: وأنا أربا - أعزك الله - بقدر " الذخيرة "، عن هذه النتف الأخيرة، و [أرى] أنها قد بلغت مداها، واستوفت حلاها، وإنما أخشى القدح في اختيارك، والاخلال بمختارك، وعلى ذلك فوالله ما من عادتي أن أثبت ما أكتب في رسم ينقل، ولا في وضع المراتب عندنا مخاطب نتحفز له ونحتفل، وإنما هو عفو فكر، ونشر ذكر؛

الصفحة 791