كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

ورفع في جناته درجتها ورتبتها، ما لفح الأكباد حرة، وصدع الفؤاد ذكره، ولما غار الحزن وأنجد، وصوب [218ب] الوجد وصعد، أهاب داعي النهى فلبيت، وصدع زاجر الحلم فانثنيت، وما الجزع مما لا يطفا، [ولا يعاف] ما بد من شربه، ويشفق من قرب إلى تربه. هذا وللسلوان مذاهب لا تذهب على ذي نظر، ولا تغيب على ذي تأمل وتدبر، أولها التسليم للقدر المحتوم، والثقة بالعوض الكريم، إلى ما لا يخفى موضعه، ولا يجهل من النفوس موقعه، من فضل الله تعالى في بقاء فلان الذي هو رأس المال، وجماع الآمال، وما زالت لله مع كل محنة منحة تقتومها، ومنة تلازمها، حكمة منه بالغة تسكن إليها القلوب، ويرجع معها الصبر ويثوب، وأنت - أيدك الله - فوق أن تنبه بوعظ، إلى مكان حظ، وأرحب بالنوازل ذراعا، وأكثر عن الأجر ذبا ودفاعا، لكن ناجيت مستريحا، وذكرت تلويحا، والله يجعلها آخر الرزايا، ويحرس الأولياء والولايا [بمنه] .
وله من أخرى: يا سيدي الأعلى، وظهيري لخطب إن تجلى، نداء من قام شاهده في المودة وبرهانه، واستوى في موالاتك إسراره وإعلانه، دمت مقتبل الجد، واري الزند، مستقلا بأعباء السيادة والمجد، في المحل النجد، والطالع السعد.

الصفحة 799