كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

[219ب] ولما نكب الوزير أبو محمد بن القاسم النكبة التي أنبأت بتعذر أوطار، ذوي الأخطار، وأعلنت بكساد الفضل، واستئساد النذل، لأنه كان طود جمال، وبحر إجمال، وناظم خلال، وحين ثل الدهر عرشه، وأحل سواه فرشه، خاطبه كل زعيم جليل مسليا عن نكبته، وانتقاله عن رتبته، فكتب إليه برقعة مستبدعة وهي: مثلك - أنس الله فؤادك، وخفف عن كاهل المعالي ما هاضك وآدك - يلقى دهره غير مكترث، وينازله بصبر غير منتكث، ويبسم عن قطوبه، ويفل شباة خطوبه، فما هي إلا غمرة ثم تنجلي، وخطرة ويليها من الصنع الجميل ما يلي، لا جرم أن الحر حيث كان حر، وأن الدر برغم من جهله در، وهل كنت إلا حساما انتضاه، قدر أمضاه، فإن أغمده فقد قضى ما عليه، وإن جرده فذلك إليه. أما إنه ما تثلم حده، ولبس جوه الفرند خده، لا يعدم طبنا يشترطه، ويمينا تخترطه، هذه الصمصامة، تقوم على ذكرها القيامة، طبقت البلاد أخباره، وقامت مقامه في كل أفق آثاره، فأما حامله فنسي منسي، وعدم منفي، كلا لقد بقيت الحقائق، وانبتت تلك العلائق، فلم يصحبه غير غرار، ومتن عار، كلاهما بالغ ما بلغ، والغ معه في الدماء إذا ولغ، وما الحسن إلا المجرد العريان، وما الصبح إلا الطلق الأضحيان، وما النور إلا ما صادم الظلام، وما النور إلا ما فارق الكمام، وما ذهب ذاهب، أجزل منه العوض واهب، ولئن قضى حق المساهنة في هذه

الصفحة 806