كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

وله من أخرى في مجلس أنس بروضة:
وحديقة مخضرة أثوابها في قضبها للطير كل مغرد
نادمت فيها فتية صفحاتهم مثل البدور تنير بين الأسعد
والجدول الفضي يضحك ماؤه كالعقد بين مجمع ومبدد
وترجرجت للناظرين كأنها در نثير في بساط زبرجد
وكان بسرقسطة شيخ يكنى بأبي عبد الصمد، من شعراء ذلك العصر، وأراه من سلف أبي بحر؛ أخبرني ذو الوزارتين أبو عامر بن عبدوس أنه اجتمع [به] قي ذلك الثغر، ورآه قد لبس بياضا في جنازة الكاتب أبي عمر بن القلاس، وقد حضرها المقتدر بن هود، فرثاه بقصيدة نعى فيها تلك الدولة، ووصف أنها بعد ابن القلاس على طرف، وفي [223ب] سبيل تمام وتلف، فتعجب منه المقتدر، وجميع من حضر. وكان ذلك الشيخ يستعمل وحشي الالفاظ، ويخاطب العوام بكلام لو خوطب به رؤبة بن العجاج ما فهم عنه؛ وأخبرت أن بعض أصحابه قال له يوما: مالك وللتقعير في كل وصف! فقال له الشيخ: يا قرارة النوك وعنصر السخف، أتنكر أن أستعمل الغريب وفصيح الكلام -! لو كان في طبعك، ما مجه سمعك، أين أنت من قول أوس:
ألم تر أن الله أنزل مزنة وعفر الظباء في الكناس تقمع

الصفحة 818