كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

على دبر الشهر الحرام بأرضنا وما حوله بعد السنين يلفع
ومن قول امرئ القيس:
وما ذرفت عيناك إلآ لتقدحي بسهميك في أعشار قلب مقتل
قال له: وأيهما ألوط بالقلب وأقرب إلى مجاري النفس - قال الشيخ: قول أوس لأنه جزل المقطع، بعيد المرمى غريب المنزع، وأما قول امرىء القيس فهو من باب الغزل وظريف الألفاظ، لا يحرك عالما، ولا يثير من غامض المعرفة كامنا، ولا يتعب مفسرا، وإنما يدر الدمع، ويهيج الوجد، ويثير الصبابة، ويؤكد الكآبة؛ فقال له ذلك الرجل: وهذه صفة المحبوب من الشعر، ألا ترى أن امرأ القيس لم يحز قصب السبق، ولا أعطي غاية الخصل [إلا لإتيانه بهذه الألفاظ السهلة، وأن أبا نواس لم يسبق الناس] إلا بعذوبة ألفاظه، [فمن] احتذى هذه الطريقة نجح، ومن حاد عنها افتضح -
وكان ذلك الشيخ أبو عبد الصمد [قي عصر] أبي حفص بن برد الأصغر، واجتمع في خزائنه زهاء خمسمائة رسالة، أقلها فيما بلغني من عشر ورق، مع قصائد له مطولات، لا يقدر أحد أن يفسر له منها عشرة أبيات، لوحشية ألفاظه، واشتباك معانيه؛ ورسائل ابن برد سائرة لعذوبة كلامه، في نثره ونظامه.
وفي هذا الشيخ يقول [ابن] الصفار السرقسطي:
لأبناء هود قلوب الأسود لها عند لقيا الرزايا جلد

الصفحة 819