كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

لأن في مداومة الانهلال تعفية الرسوم ومحو الآيات؛ على أنه قد احترس من الاعتراض احتراسا قدمه في صدر البيت وهو قوله: " اسلمي "، فدعا لها بالسلامة على تعاقب الأحوال الموجبة بلى الديار، واندراس الآثار؛ وبيت طرفة أسلم. والذي فتق للشعراء هذا الفن فافتنوا فيه وجاءوا بالاحتراس وغيره امرؤ القيس بقوله:
إذا ركبوا الخيل واستلأموا تحرقت الأرض واليوم قر [231ب]
فقوله: " واليوم قر " تتميم للمعنى ومبالغة في اللفظ، وقال [الآخر] :
إذا الله أسقى دمنتين ببقعة من الأرض سقيا رحمة فسقاهما
وقال أبو الطيب:
صلى الإله عليك غير مودع وسقى ثرى أبويك صوب غمام
ومن هذه المبالغة في التتميم أيضا قول امرىء القيس:
كان عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
فتناوله زهير فقال:
كأن فتلت العهن في كل منزل نزلن به حب الفنا لم يحطم

الصفحة 847