كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

وهزيمتهم [بموضع يعرف ببطرنة] :
لبسوا الحديد إلى الوغى ولبستم حلل الحرير عليكم ألوانا
ما كان أقبحهم وأحسنهم بها لو لم يكن ببطرنة ما كانا
قال أبو الحسن: وذكرت بما وصفه عن أهل بلنسية من خروجهم لقتال عدوهم في ثياب الحرير، زينتهم، ما حكاه أبو مروان بن حيان في فصل من تاريخه الكبير، في صفة أهل طليطلة، وقد خرجوا لعدوهم على تلك الهيئة، فانهزموا وقتلوا:
قال ابن حيان: فلم يرع الأسماع إلا ورود الخبر بما صكها من توريط المسلمين في جحيم ذلك المأزق، ومما وقع [من] التعجب منهم أنه أخذ من البياض المقتولين من أهل طليطلة في تلك الوقعة ألف غفارة من لبوس أهل الرفاهية أيام المباهاة، ركبوا بها إلى الطاغية - قصمة الله - كأنهم وفد سلم يشهدون المعاقدة، فيا للرجال لحلوم قوم سكان بثغر مخوف، أبناء قتلى وسلالة أسرى، قلما خلوا من هيعة، عدموا الراعي العنوف منذ حقب، فنبذوا السلاح وكلفوا بالترقيح ونافسوا في النشب، وعطلوا الجهاد، وقعدوا فوق الأرائك مقعد الجبابرة المتفاتنين من أهل موسطة الأندلس، ينتظرون من ينبعث من أهلها للقتال عنهم حسبة، ولا يرفدون المختل ممن

الصفحة 850