كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

رابط إليهم بعليقه، فتبا لهم تبا!! فتضعضع ثغرهم بتوالي هذه النكبات، ولحقت المسلمين بهم مضايق سماعها، حتى عم تلك [232ب] الثغور الجلاء، وتوزع المسلمين البلاء، وخربت ديارهم، وبادت آثارهم.
وذكرت [أيضا] بهذه الحكاية ما حكاه الفرزدق عن نفسه قال: كنت أخرج أنا وجرير كل يوم إلى المناقضة بالمربد، ويحضرنا وجوه أهل البصرة، وكنت أرسل كل غداة إلى جرير عينا، فإذا لبس زيا لبست أحسن منه أو مثله، أباهيه بذلك، فجاءني عيني عليه يوما فأخبرني أنه في حلة فاخرة وزي من الرفاهية، وأنه على قلوص في مركب نبيل ورحل ظاهر، فسرت في مثل ذلك الزي، وانتهيت إلى المربد فلم أجده، فلم يرعني إلا انقضاض فارس قد اعتقل قناة خطية وظاهر بين درعين، وتقنع بالحديد، فلم يظهر إلا عينة، وجاء حتى ركز قناته إلى جنبي، وأنا أشبه شيء بالهدي تزف إلى بعلها، فإذا جرير رافع عقيرته ينشد:
أعدوا مع الحلي الملاب فإنما جرير لكم بعل وأنتم حلائله
فانصرف الناس بذلك البيت، وانصرفت أخزى منصرف.
وقول ابن المعلي: " لو لم يكن ببطرنة ما كانا " - البيت، يسمي بعض أهل النقد هذا النوع من البديع " الإيماء "، وهو عند بعضهم من أقسام الاشارة، وهي من غرائب الشعر وملحه، ويدل على بعد المرمىٍ

الصفحة 851