كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

وليس يأتي بها الشاعر المبرز الماهر، وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالة واختصار وتلويح؛ قال أبو علي بن رشيق في كتاب " العمدة " له: فمن الإيماء المليح للمتقدمين قول قيس بن ذريح:
أقول إذا نفسي من الوجد أصعدت لها زفرة تعتادني هي ما هيا
ومثله قول كثير:
تجافيت هني حين لا لي حيلة وخلفت ما خلفت بين الجوانح
فقوله: " وخلفت ما خلفت " إيماء مليح.
ومن أنواع الإشارة: " التلويح " كقول المجنون:
لقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل بي النقص والإبرام حتى علانيا
فلوح بالصحة والكتمان، ثم بالسقم والاشتهار تلويحا عجيبا؛ وإياه عنى المتنبي بعد أن قلبه ظهرا لبطن فقال:
كتمت حبك حتى منك تكرمة ثم استوى فيك إسراري وإعلاني
لأنه زاد حتى فاض عن جسدي فصار سقمي به في جسم كتماني [233أ]
فأخفاه وعقده كما تراه، حتى صار أحجية يتحاجاها الناس؛ ومن أجود

الصفحة 852