كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

كسف ذلك النير المشرق، وأظلم عليهم بغتة الأفق، انطلقت [بالغرب يومئذ] أيدي الدهماء، إذ عدموا من كان يفيض عليهم أنوار الآراء، فيقبلونها [237أ] قبول الكواكب لشعاع ذكاء، ويدني من لباناتهم ما شسع، ويستنزل بها ما امتنع، بآراء سديدة الأنحاء، كالسيوف في المضاء، وسياسات لطيفة: من شدة ولين، وحركة وسكون، وكنت قد علقت منه في ذلك الغرب بالحبل المتين، وأستندت منه إلى ثبير الحصين، وتبوأت منه أرحب مربع، وأخصب مرتع، وفي وصف سؤدده وفضله، وكيفية قتله، طول خارج عن غرض هذا المجموع. ولأبي عامر الأصيلي في تأبينه قصيدة أولها:
على مصرع الفهري ركني وموئلي بكيت وأبكي طول دهري وحق لي
أؤبن من مات الندى يوم موته وقلص ظل الجود عن كل مرمل
وما كان صمتي منذ حين لسلوة ولكن عظم الرزء أخرس مقولي
إلى أي طود يسند الشعر بعده وقد حط منه الدهر أركان يذبل
تولى ابن إبراهيم فالغرب بعده لكل غريب الدار حلقة جلجل
فأصبحت الآمال بعد محمد تنادي ألا بعدا لكل مؤمل
خليلي مالي لا أذوب وإنني لأطوي الحشا منه على غلي مرجل
وفي من يحاك المدح جزلا كأنما أتى عن لبيد قوة ومهلهل

الصفحة 866