كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (اسم الجزء: 5-6)

ولم أظفر من شعره، إلا بما يكاد يفي بقدره، وقد أثبته على نزره، لئلا يخل بكتابي إهمال ذكره.
فصل له من رقعة في فتح بلنسية: من ذكر - أعزك الله - عهدك الكريم والتزامه، وأبصر مجدك العميم وانتظامه، ووضع نفسه حيث وضعها ماضي الذمام، وأنزلها منك حيث أنزلتها تلك الأيام الكرام، وعلم أن ربطك مبرم الشد، وضبطك محكم العقد، وإن وافاك أكبر من رضوى جسدا، وأكثر من حزوى عددا، تخطى بقدم العهد، وتحظى بقدم الود، حتى زار الصفائح بالصحائف، وباشر الكتاب بالكتب اللطائف، وحياك بلسان الأقلام، تحت لسان الأعلام، حين أشرق وجه الدين فأسفر، وزهق حزب الملحدين فنفر، وأقبل الفتح في لمة التأييد، يرفل في ثوب النصر الجديد؛ وجاء الوعد الناجز ببلنسية تجذبها أعنة الأقدار، وتسوقها أحكام الجبار، فالآن قد نشر الميت من لحده، وعاد الحسام إلى غمده، فسبحان من سبب ما سبب، وأدب بالموعظة من أدب، محص الذلة فأزالها، وقدر العثرة فأقالها، وأعاد نعمة كان قد أذهب خضراءها، وأباد غضراءها، وفتح بابا سد رتاجه، وصد منهاجه، حتى خر شامخه، وذل باذخه، [ثم نشر ميته، ونجد بيته] ، قهبت ريح النصر، ومد بحر الظفر بعد الحسر:

الصفحة 868