كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

تعالى، عزّ اسمه: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ
[1] . وقد يقال لهم ذلك وإن شربوا بتلك الأموال الأنبذة، ولبسوا الحلل، وركبوا الدوابّ، ولم ينفقوا منها درهما واحدا في سبيل الأكل.
وقد قال الله عزّ وجلّ: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً
[2] . وهذا مجاز آخر.
وقال الشاعر في أخذ السّنين من أجزاء الخمر [3] : [من الخفيف]
أكل الدّهر ما تجسّم منها ... وتبقّى مصاصها المكنونا [4]
وقال الشاعر: [من السريع]
مرّت بنا تختال في أربع ... يأكل منها بعضها بعضا [5]
وهل قوله [6] : «وقد أكلت أظفاره الصّخر» ، إلا كقوله [7] : [من الطويل]
كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر [8]
وإذا قالوا: أكله الأسد، فإنما يذهبون إلى الأكل المعروف. وإذا قالوا: أكله الأسود [9] ، فإنما يعنون النّهش واللّدغ والعضّ فقط.
وقد قال الله عزّ وجلّ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً
[10] .
ويقال: هم لحوم الناس.
__________
[1] 42/المائدة: 5
[2] 10/النساء: 4.
[3] البيت لأبي نواس في ديوانه 30.
[4] المصاص: خالص كل شيء، ورواية الديوان «وتبقى لبابها» ، المكنون: المستور.
[5] أربع: أراد: صواحبها، وأراد أنها في تثنّيها وتعطّفها كأنما يأكل بعضها بعضا.
[6] جزء من بيت لأوس بن حجر، ورد في الصفحة السابقة.
[7] صدر البيت: (ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه) ، وهو لخالد بن علقمة في ديوان علقمة الفحل 110، ولابن الطيفان خالد بن علقمة بن مرثد في المؤتلف والمختلف 221، وللزبرقان بن بدر في المقاصد النحوية 4/171، وللحصين بن القعقاع في ثمار القلوب (613) .
[8] في ديوان علقمة: «قد أفنى دوائر وجهه، أي: قد ملأ الشر وجهه أجمع؛ فأنت تستبين أثر الشر وتغييره في وجهه. وقوله: كضب الكدى: الضب لا يحتفر أبدا إلا في مكان صلب كيلا يهدم عليه جحره، واستعار للضب أنامل مكان البراثن لما أخبر عنه بمثل ما يخبر به عن الآدميين من الحفر» .
[9] الأسود: ضرب خبيث من الأفاعي.
[10] 12/الحجرات: 49.

الصفحة 13