وهذا الاسم لم يكن في الجاهلية لمن عمل بهذا العمل. ولكن الله عزّ وجلّ اشتق لهم هذا الاسم من هذا الأصل.
1419-[كلمات إسلامية لم تكن في الجاهلية]
وقد علمنا أن قولهم لمن لم يحجّ: «صرورة» [1] ، ولمن أدرك الجاهلية والإسلام: «مخضرم» [2] ، قولهم وتسميتهم لكتاب الله: «قرآنا» «فرقانا» ، وتسميتهم للتمسّح بالتراب: «التيمّم» ، وتسميتهم للقاذف ب «فاسق» - أن ذلك لم يكن في الجاهلية.
وإذا كان للنابغة أن يبتدئ الأسماء على الاشتقاق من أصل اللغة، كقوله [3] :
[من البسيط]
والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد [4]
وحتى اجتمعت العرب على تصويبه، وعلى اتباع أثره، وعلى أنها لغة عربية- فالله الذي له أصل اللغة أحقّ بذلك.
1420-[شعر شمّاخ في الزّموع]
وذكر شمّاخ بن ضرار الزّموع [5] ، وكيف تطأ الأرنب على زمعاتها [5] لتغالط الكلاب وجميع ما يطالبها- فذكر بديئا شأن العير والعانة، فقال [6] : [من الوافر]
إذا ما استافهنّ ضربن منه ... مكان الرّمح من أنف القدوع [7]
__________
[1] في النهاية 3/22 «الصرورة: أصله من الصر: الحبس والمنع» .
[2] في النهاية 2/42 «قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم، لأنه أدرك الخضرمتين. وأصل الخضرمة: أن يجعل الشيء بين بين» .
[3] صدر البيت: (إلا الأواري لأيا ما أبيّنها) ، وهو في ديوان النابغة الذبياني 15، والأغاني 11/31، والخزانة 4/122، 11/36، واللسان (جلد، ظلم، بين) ، والكتاب 2/321، والدرر 3/159، 6/257، والمقاصد النحوية 4/315، 578.
[4] في ديوانه: «الأواري: محابس الخيل ومرابطها. النؤي: حاجز من تراب حول الخباء لئلا يدخله السيل. المظلومة: الأرض التي لم تمطر فجاءها السيل فملأها. الجلد: الأرض الصلبة» .
[5] الزمعات: الشعرات المدلاة في مؤخر رجل الأرنب.
[6] ديوان الشماخ 227- 232.
[7] في ديوانه: «استافهن: شمهن. القدوع: الفحل يريد الناقة الكريمة ولا يكون كريما، فلا يزال يضرب أنفه بالرمح أو غيره حتى يرجع.