كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

رآها لا تطيع لها أميرا ... فخلّاها تردّد في خلاها [1]
فزعم أن الله، عزّ وجلّ، يذوق.
وعند ذلك قال عباس الرّعلي يخبر عن قلّته وكثرتهم، فقال [2] : [من الطويل]
وأمّكم تزجي التّؤام لبعلها ... وأمّ أخيكم كزّة الرّحم عاقر [3]
وزعم يونس أنّ أسلم بن زرعة لما أنشد هذا البيت اغرورقت عيناه.
وجعل عباس أمّه عاقرا إذ كانت نزورا. وقد قال الغنويّ [4] : [من الكامل]
وتحدثوا ملأ لتصبح أمّنا ... عذراء لا كهل ولا مولود
جعلها إذ قلّ ولدها كالعذراء التي لم تلد قطّ. لما كانت كالعذراء جعلها عذراء.
وللعرب إقدام على الكلام، ثقة بفهم أصحابهم عنهم. وهذه أيضا فضيلة أخرى.
وكما جوّزوا لقولهم أكل وإنما عضّ، وأكل وإنما أفنى، وأكل وإنما أحاله، وأكل وإنما أبطل عينه- جوّزوا أيضا أن يقولوا: ذقت ما ليس بطعم، ثم قالوا:
طعمت، لغير الطعام. وقال العرجيّ [5] : [من الطويل]
وإن شئت حرّمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا [6]
وقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي
[7] ، يريد: لم يذق طعمه.
__________
[1] خلّاها: تركها. الخلى: جمع خلاة، وهو الرطب من النبات.
[2] تقدم البيت في الفقرة (255) 1/239.
[3] تزجي: تسوق. التؤام: جمع توءم، وهو المولود مع غيره في بطن. كزة: قليلة الخير.
[4] البيت لأبيّ بن هرثم الغنوي في تهذيب إصلاح المنطق 368، وبلا نسبة في إصلاح المنطق 150، واللسان والتاج (ملأ) ، والتهذيب 15/405.
[5] البيت للعرجي في ديوانه 109، واللسان والتاج (نقخ، برد) ، والتنبيه والإيضاح 1/292، 2/10، ولعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 315، وللحارث بن خالد المخزومي في ديوانه 117، وبلا نسبة في المقاييس 1/243، والتهذيب 14/105، وديوان الأدب 1/102.
[6] النقاخ: الماء البارد العذب الصافي. البرد: الريق.
[7] 249/البقرة: 2.

الصفحة 16