كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

وذلك أن النار إذا ألقي عليها اللحم فصار لها دخان، اصهابّت [1] بدخان ماء اللحم وسواد القتار [2] . وهذا يدل أيضا على ما قلنا.
وفي ذلك يقول الهيّبان الفهميّ: [من الوافر]
له فوق النّجاد جفان شيزى ... ونار لا تضرّم للصّلاء [3]
ولكن للطّبيخ، وقد عراها ... طليح الهمّ مستلب الفراء [4]
وما غذيت بغير لظى، فناري ... كمرتكم الغمامة ذي العفاء [5]
وقال سحر العود: [من الوافر]
له نار تشبّ على يفاع ... لكلّ مرعبل الأهدام بالي [6]
ونار فوقها بجر رحاب ... مبجّلة تقاذف بالمحال [7]
1290-[اختلاف ألوان النار]
ويدلّ أيضا على ما قلنا: أن النار يختلف لونها على قدر اختلاف جنس الدّهن والحطب والدخان، وعلى قدر كثرة ذلك وقلّته، وعلى قدر يبسه ورطوبته- قول الراعي حين أراد أن يصف لون ذئب فقال [8] : [من الكامل]
وقع الربيع وقد تقارب خطوه ... ورأى بعقوته أزلّ نسولا [9]
__________
[1] اصهابت، صارت صهباء، وهي الحمرة يعلوها سواد.
[2] القتار: ما يتصاعد من الشواء.
[3] النجاد: جمع نجد، وهو ما غلظ من الأرض وارتفع. الشيزى: شجر تعمل منه القصاع والجفان.
الصلاء: مقاساة حر النار، أو التمتع بها في الشتاء.
[4] عراها: غشيها وقصدها. الطليح: المتعب المعيى.
[5] المرتكم: المتراكم، أي المجتمع. عفاء السحاب: كالخمل في وجهه لا يكاد يخلف.
[6] اليفاع: التل. المرعبل: الممزق. الأهدام: جمع هدم، وهو الثوب الخلق البالي.
[7] البجر: جمع بجراء، وهي العظيمة البطن، وأراد بها هنا القدور. الرحاب: الواسعات. المبجلة المعظمة. المحال: جمع محالة، وهي الفقرة من فقار البعير.
[8] ديوان الراعي 239- 240، والأول في اللسان (نهش) ، والتاج (نسل) ، وبلا نسبة في الازمنة والأمكنة 2/113، والبيت الثاني في اللسان (نهش) ، والتاج (نهش، شكل) ، والتهذيب 5/158، 6/83، 85، والتنبيه والإيضاح 11/327، وبلا نسبة في اللسان والتاج (وضح، شهل) ، والثالث في الجمهرة 464 والتهذيب 11/33، واللسان والتاج (تلع، رجل) ، وبلا نسبة في الجمهرة 1300، والمجمل 2/468 وتقدم البيت في 2/431.
[9] وقع الربيع: أي مثل شدة ضرب المطر للأرض. العقوة: الساحة، وما حول الدار، الأزلّ: السريع وعنى به الذئب. النسول: مشية الذئب إذا أسرع.

الصفحة 35