كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

وقال الهذليّ [1] : [من البسيط]
وليلة يصطلي بالفرث جازرها ... يختصّ بالنّقرى المثرين داعيها
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة ... من الشّتاء ولا تسري أفاعيها
وفي الجمد والبرد والأزمات يقول الكميت [2] : [من الوافر]
وفي السنة الجماد يكون غيثا ... إذا لم تعط درّتها الغضوب [3]
وروّحت اللّقاح مبهلات ... ولم تعطف على الرّبع السّلوب [4]
وكان السّوف للفتيان قوتا ... تعيش به وهيّبت الرقوب [5]
وفي هذه القصيدة يقول في شدة الحر:
وخرق تعزف الجنّان فيه ... لأفئدة الكماة لها وجيب [6]
قطعت ظلام ليلته ويوما ... يكاد حصى الإكام به يذوب
وقال آخر لمعشوقته [7] : [من الطويل]
وأنت التي كلفتني البرد شاتيا ... وأوردتنيه فانظري أيّ مورد [8]
فما ظنك ببرد يؤدّي هذا العاشق إلى أن يجعل شدّته عذرا له في تركه الإلمام بها. وذلك قوله في هذه القصيدة [9] :
فيا حسنها إذ لم أعج أن يقال لي ... تروّح فشيعنا إلى ضحوة الغد
فأصبحت مما كان بيني وبينها ... سوى ذكرها كالقابض الماء باليد
__________
[1] تقدم تخريج البيتين في 1/258؛ الفقرة (269) ، 2/290؛ الفقرة (293) .
[2] ديوان الكميت 1/84، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (جمد) ، والتهذيب 10/679، والثالث للكميت في أساس البلاغة (سوف) ، والأزمنة والأمكنة 2/299.
[3] سنة جماد: لا مطر فيها. الغضوب: الناقة العبوس.
[4] روّحت: رعيت وقت الرواح. المبهلات: المهملات. الرّبع: الفصيل ينتج وقت الربيع.
السلوب: الناقة فقدت ولدها.
[5] السّوف: الأماني. الرقوب: هي التي لا تدنو إلى الحوض من الزحام، وذلك لكرمها.
[6] الخرق: الفلاة الواسعة تنخرق فيها الريح. الجنّان: الجن.
عزيفها: تصويتها. الوجيب: الخفقان والاضطراب.
[7] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (برك) ، والتهذيب 10/228، والعين 5/367، وكتاب الجيم 1/81.
[8] الرواية في المصادر السابقة: «البرك» مكان «البرد» ، والبرك: مستنقع الماء وشبه حوض يحفر في الأرض، لا يجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض.
[9] ديوان مسكين الدارمي 36.

الصفحة 41