كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)
وأنشد الأصمعيّ [1] : [من الطويل]
ظللنا معا جارين نحترس الثّأى ... يسائرني من نطفة وأسائره
ذكر سبعا ورجلا، قد ترافقا، فصار كلّ واحد منهما يدع فضلا من سؤره ليشرب صاحبه. الثّأى: الفساد. وخبّر أنّ كلّ واحد منهما يحترس من صاحبه.
وقد يستقيم أن يكون شعر النابغة في الحية، وفي القتيل صاحب القبر، وفي أخيه المصالح للحية أن يكون إنما جعل ذلك مثلا، وقد أثبتناه في باب الحيات [2] ، فلذلك كرهنا إعادته في هذا الموضع.
فأما جميع ما ذكرناه عنهم فإنما يخبرون عنه من جهة المعاينة والتّحقيق، وإنما المثل في هذا مثل قوله: [من الرجز]
قد كان شيطانك من خطّابها ... وكان شيطاني من طلّابها
حينا فلمّا اعتركا ألوى بها
1822-[توهم سماع الأصوات]
والإنسان يجوع فيسمع في أذنه مثل الدويّ. وقال الشاعر: [من الطويل]
دويّ الفيافي رابه فكأنّه ... أميم وساري اللّيل للضّرّ معور [3]
معور: أي مصحر [4] .
وربما قال الغلام لمولاه: أدعوتني؟ فيقول له: لا. وإنما اعترى مسامعه ذلك لعرض، لا أنّه سمع صوتا.
ومن هذا الباب قول تأبّط شرّا، أو قول قائل فيه في كلمة له [5] : [من الطويل]
يظلّ بموماة ويمسي بقفرة ... جحيشا ويعروري ظهور المهالك [6]
__________
[1] البيت للغنوي في الأمالي 1/236.
[2] انظر ما تقدم في 4/203- 205.
[3] الأميم: الذي أصيب في أم رأسه.
[4] مصحر: منكشف، من قولهم: أصحر الرجل؛ إذا خرج إلى الصحراء.
[5] الأبيات لتأبط شرا في الأمالي 2/138، وزهر الآداب 358، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 92، والخزانة 1/200.
[6] الجحيش: المتنحي عن الناس. يعروري: يركب.
الصفحة 448
599