كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

الكلام، حتى نأتي من أصناف النيران على ما يحضرنا، إن شاء الله تعالى.
قالوا: وليس في العالم جسم صرف غير ممزوج، ومرسل غير مركب، ومطلق القوى، غير محصور ولا مقصور، أحسن من النار.
قال: والنار سماوية علوية؛ لأن النار فوق الأرض، والهواء فوق الماء، والنار فوق الهواء.
ويقولون: «شراب كأنه النار» ، و «كأن لون وجهها النار» . وإذا وصفوا بالذكاء قالوا: «ما هو إلا نار» وإذا وصفوا حمرة القرمز [1] وحمرة الذهب قالوا: «ما هو إلا نار» .
قال: وقالت هند [2] : «كنت والله في أيام شبابي أحسن من النار الموقدة!» .
وأنا أقول: لم يكن بها حاجة إلى ذكر «الموقدة» وكان قولها: «أحسن من النار» يكفيها. وكذلك اتهمت هذه الرواية.
وقال قدامة حكيم المشرق في وصف الذّهن [3] : «شعاع مركوم [4] ، ونسم معقود، ونور بصّاص [5] . وهو النار الخامدة، والكبريت الأحمر» [6] .
ومما قال العتّابي: «وجمال كل مجلس بأن يكون سقفه أحمر، وبساطه أحمر» .
وقال بشّار بن برد: [من الطويل]
هجان عليها حمرة في بياضها ... تروق بها العينين والحسن أحمر [7]
وقال أعرابيّ: [من الطويل]
هجان عليها حمرة في بياضها ... ولا لون أدنى للهجان من الحمر
__________
[1] القرمز: صبغ أرمني أحمر، يقال: إنه من عصارة دود يكون في آجامهم، فارسي معرب.
[2] هي هند بنت الخس، والخبر في ثمار القلوب 640 (828) ، والتمثيل والمحاضرة 262، ومحاضرات الأدباء 2/277، وانظر أخبارها في بلاغات النساء 80- 86، والمزهر 2/540- 545.
[3] الخبر في محاضرات الأدباء 2/277.
[4] مركوم: مجموع.
[5] بصاص: لمّاع وبرّاق.
[6] الكبريت الأحمر: يسمى حجر الفلاسفة، ويدخل في عمل الذهب عند أهل الصنعة. انظر قاموس الأطبا 1/72، واللسان والتاج (كبرت) ، ومفاتيح العلوم 150 «حجر الصنعة» . ومن الأمثال قولهم: «أعز من الكبريت الأحمر» ، والمثل في مجمع الأمثال 2/44، والمستقصى 1/245، وجمهرة الأمثال 2/33.
[7] الهجان: البيضاء، وقوله: «الحسن أحمر» من الأمثال في مجمع الأمثال 1/199، وجمهرة الأمثال 1/366، وفصل المقال 344، وأمثال ابن سلام 38، والمستقصى 1/312.

الصفحة 52