كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

وعضرفوط قد تقوّى على ... محلولك البقة مثل الحباب
وظالم يعدو على ظالم ... قد ضجّ منه حشرات الشّعاب
وهذان الظّالمان اللذان عنى: الأسود، والأفعى، فإنّ الأسود إذا جاع ابتلع الأفعى.
1907-[أكل الأسود للأفاعي]
وشكا إليّ حوّاء مرة فقال: أفقرني هذا الأسود، ومنعني الكسب، وذلك أنّ امرأتي جهلت فرمت به في جونة فيها أفاعي ثلاث أو أربع، فابتلعهنّ كلّهن، وأراني حيّة منكرة. ولا يبعد ما قال.
والعرب تقول للمسيء: «أظلم من حيّة» . وقد ذكرنا ذلك في موضعه من هذا الكتاب [1] .
ولا يستطيع أن يروم ذلك من الأفعى إلّا بأن يغتالها، فيقبض على رأسها وقفاها، فإنّ الأفعى تنفذ في الأسود، لكثرة دمه.
1908-[وصف سم الحية]
وإذا وصفوا سمّ الحيّة بالشدّة والإجهاز خبّروا عنها أنّه لم يبق في بدنها دم ولا بلّة [2] ، ولذلك قال الشاعر: [من البسيط]
لو حزّ ما أخرجت منه يد بللا ... ولو تكنّفه الراقون ما سمعا
وقال آخر [3] : [من الرجز]
لميمة من حنش أعمى أصمّ ... قد عاش حتّى هو ما يمشي بدم
1909-[سلاح الحيوان]
والشأن في السّلاح [أنّه] [4] كلما كان أقلّ كان أبلغ، وكلما كان أكثر عددا وأشدّ ضررا كان أشجع وآخذ لكلّ من عرف أنه دونه. وأنشد أبو عبيدة [5] : [من البسيط]
مشي السّبنتى إلى هيجاء مفظعة ... له سلاحان أنياب وأظفار [6]
__________
[1] انظر ما تقدم في 5/189، 191.
[2] البلة: البلل.
[3] تقدم الرجز في 5/186، 6/381.
[4] إضافة يقتضيها المعنى.
[5] البيت الخنساء في ديوانها 381، والأغاني 15/80.
[6] السبنتى: النمر؛ والأسد. المفظعة: الشديدة الشنيعة.

الصفحة 529