كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

الماعون بأتاويّين، يعني واحدا أتى من هاهنا، وآخر أتى من هاهنا. كأنهم جماعة التقوا من غير تعريف بنسب ولا بلد.
وإذا تجمعوا أفذاذا [1] لم يكمل كلّ واحد منهم خصال المحلّات.
قال أبو النجم [2] : [من الرجز]
يضعن بالفقر أتاويّات ... معترضات غير عرضيّات [3]
وقالت امرأة من الكفار، وهي تحرّض الأوس والخزرج، حين نزل فيهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه: [من المتقارب]
أطعتم أتاويّ من غيركم ... فلا من مراد ولا مذحج
ولم ترد أنهما أشرف من قريش، ومن الحيّين كعب وعامر، ولكنها أرادت أن تؤلّب وتذكي العصبيّة.
وقالوا: لا تبتنى المدن إلا على الماء والكلإ والمحتطب. فدخلت النار في المحتطب؛ إذ كان كلّ عود يوري.
وأما الوجه الآخر [4] من الامتنان بها، فكقوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ
[5] ثم قال على صلة الكلام: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
[6] . وليس يريد أنّ إحراق الله عزّ وجلّ العبد بالنار من آلائه ونعمائه.
ولكنه رأى [7] أن الوعيد الصادق إذا كان في غاية الزجر عما يطغيه ويرديه [8] فهو من النعم السابغة والآلاء العظام.
__________
[1] الرجز لأبي النجم في ديوانه 74، ولحميد الأرقط في اللسان (عرض، هيه، أتي) ، والتاج (عرض، صنبع، أتو) ، والتهذيب 1/459، 463، 14/351، وبلا نسبة في التاج (هيه) ، والجمهرة 1321، وشرح المفصل 4/65- 66.
[2] يضعن: من الوضع، وهو ضرب من العدو فوق الخبب. الأتاويات: الغريبات. معترضات: نشيطات لم يكسلهن السفر. عرضيات: من غير صعوبة.
[3] البيت لعصماء بنت مروان اليهودي في أنساب الأشراف 373، ولامرأة هجت الأنصار في اللسان والتاج (أتى) ، والتهذيب 2/359.
[4] ثمار القلوب 457 (824) ، فقرة «نار الشجر» .
[5] في ثمار القلوب «كقوله للثقلين» .
[6] 35/الرحمن: 55.
[7] في ثمار القلوب «أراد» .
[8] يرديه: يهلكه.

الصفحة 54