كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

يقول: وبر لحييها كثير كأنّه شعر [ذيخ] [1] قد بلّه المطر. وأنشد: [من الرجز]
لما رأين ماتحا بالغرب ... تخلّجت أشداقها للشّرب [2]
تخليج أشداق الضّباع الغلب [3]
يعني من الحرص والشّره. وتمثّل ابن الزّبير [4] : [من الطويل]
خذيني فجرّيني جعار وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره [5]
وإنّما خصّ الضّباع، لأنّها تنبش القبور، وذلك من فرط طلبها للحوم النّاس إذا لم تجدها ظاهرة. وقال تأبّط شرّا [6] : [من الطويل]
فلا تقبروني إنّ قبري محرّم ... عليكم ولكن خامري أمّ عامر
إذا ضربوا رأسي وفي الرّأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثمّ سائري
هنالك لا أبغي حياة تسرّني ... سمير الليالي مبسلا بالجرائر
1944-[إعجاب الضّباع بالقتلى]
قال اليقطري [7] : وإذا بقي القتيل بالعراء انتفخ أيره، لأنّه إذا ضربت عنقه يكون منبطحا على وجهه، فإذا انتفخ انقلب، فعند ذلك تجيء الضّبع فتركبه فتقضي حاجتها ثمّ تأكله.
وكانت مع عبد الملك جارية شهدت معه حرب مصعب، فنظرت إلى مصعب وقد انقلب وانتفخ أيره وورم وغلظ، فقالت: يا أمير المؤمنين، ما أغلظ أيور المنافقين!
__________
[1] إضافة يقتضيها السياق.
[2] الماتح الذي يستقي من أعلى البئر. الغرب: الدلو العظيمة. التخلج: التحرك والاضطراب.
[3] الغلب: جمع أغلب وغلباء؛ وهو الغليظ الرقبة.
[4] البيت للنابغة الجعدي في ديوانه 220، والكتاب 3/273، وبلا نسبة في اللسان (جرر، جعر) ، والمقتضب 3/375.
[5] جعار: اسم للضبع.
[6] الأبيات للشنفرى أو لتأبط شرا في الطرائف الأدبية 36، وللشنفرى في الحماسة البصرية 1/94، والأغاني 21/182، وأسماء المغتالين 232، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/65، وللمرزوقي 490، وانظر البرصان 166، وعيون الأخبار 3/200، والعقد الفريد 1/101، والأزمنة والأمكنة 1/293.
[7] تقدم الخبر في 5/.

الصفحة 559