كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

1948-[شعر فيه ذكر الضبع]
وأنشد لعبّاس بن مرداس السّلميّ [1] : [من الطويل]
فلو مات منهم من جرحنا لأصبحت ... ضباع بأكناف الأراك عرائسا [2]
وقال جريبة بن أشيم [3] : [من الطويل]
فمن مبلغ عنّي يسارا ورافعا ... وأسلم أنّ الأوهنين الأقارب
فلا تدفننّي في ضرا وادفننّني ... بديمومة تنزو عليّ الجنادب [4]
وإن أنت لم تعقر عليّ مطيّتي ... فلا قام في مال لك الدّهر حالب [5]
فلا يأكلنّي الذّئب فيما دفنتني ... ولا فرعل مثل الصّريمة حارب [6]
أزلّ هليب لا يزال مآبطا ... إذا ذربت أنيابه والمخالب [7]
وأنشد: [من الرمل]
تركوا جارهم تأكله ... ضبع الوادي وترميه الشّجر
يقول: خذلوه حتّى أكله ألأم السّباع، وأضعفها. وقوله: «وترميه الشّجر» ، يقول: حتّى صار يرميه من لا يرمي أحدا.
1949-[بقية الكلام في الضبع]
وقد بقي من القول في الضّبع ما سنكتبه في باب القول في الذئب [8] .
__________
[1] ديوان العباس بن مرداس 94، والحماسة البصرية 1/54، والبرصان 165، والأغاني 14/315، والأصمعيات 206، والمعاني الكبير 213، 927.
[2] عرائس: جمع عروس، وفي البيت إشارة إلى ما يكون من الضباع من شغفها بركوب القتلى.
[3] الأبيات لجريبة بن أشيم في البرصان 163- 164.
[4] الضرا: مقصور الضراء، وهو الشجر الملتف في الوادي، وفي البرصان «صوى» ؛ وهي جمع صوة، وهي ما غلظ وارتفع من الأرض. الديمومة: الفلاة.
[5] كان أهل الجاهلية يؤمنون بالبعث، ولهذا فقد كانوا يعقرون عند القرب مطية؛ ويسمون تلك العقيرة «بلية» ، ليركبها الميت عند بعثه، ومن لم تكن له بلية حشر ماشيا. انظر اللسان 14/85- 86. (بلا) ، والمحبر 323.
[6] الفرعل: الضبع. الصريمة: السوداء مثل الليل. الحارب: السالب.
[7] الأزل: الأرسح الصغير العجز. الهليب: من الهلب، وهو كثرة الشعر. ورواية صدر البيت في البرصان: (أزبّ هلبّ لا يزال مطابقا) .
[8] لم يف الجاحظ بوعده هذا، إذ لم يفرد بابا للذئب.

الصفحة 561