كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

اصطادوا المسنّ كان أنفع لأهله في الصّيد من الجرو الذي يربّونه؛ لأنّ الجرو يخرج خبّا، ويخرج المسنّ على التأديب صيودا غير خبّ ولا مواكل [1] في صيده. وهو أنفع من صيد كلّ صائد، وأحسن في العين. وله فيه تدبير عجيب.
وليس شيء في مثل جسم الفهد إلّا والفهد أثقل منه، وأحطم لظهر الدابَّة التي يرقى على مؤخّرها [2] .
والفهد أنوم الخلق، [وليس نومه كنوم الكلب؛ لأن الكلب نومه نعاس واختلاس] [3] ، والفهد نومه مصمت [4] : قال أبو حيّة النّميري [5] : [من البسيط]
بعذاريها أناسا نام حلمهم ... عنّا وعنك وعنها نومة الفهد
وقال حميد بن ثور الهلاليّ [6] : [من الطويل]
ونمت كنوم الفهد عن ذي حفيظة ... أكلت طعاما دونه وهو جائع
1968-[أرجوزة في صفة الفهد]
وقال الرقاشيّ في صفة الفهد [7] : [من الرجز]
قد أغتدي واللّيل أحوى السّدّ ... والصّبح في الظّلماء ذو تهدّي [8]
مثل اهتزاز العضب ذي الفرند ... بأهرت الشّدقين ملتئد [9]
أزبر مضبور القرا علّكد ... طاوي الحشا في طيّ جسم معد [10]
كزّ البراجيم هصور الجدّ ... برامز ذي نكت مسودّا [11]
__________
[1] الخب: الخدّاع والخبيث.
[2] المواكل: الثقيل ذو البطء والبلادة.
[3] ثمار القلوب: (694) .
[4] التكملة من ثمار القلوب (694) ، ومجمع الأمثال 2/355، في المثل «أنوم من فهد» ، وانظر ربيع الأبرار 5/419.
[5] ديوان أبي حية النميري 472.
[6] ديوان حميد بن ثور 105، وثمار القلوب (595) .
[7] الأرجوزة لأبي نواس في ديوانه 622- 663، والأنوار 2/158- 159.
[8] الأحوى: الأسود، السد: السحاب الأسود؛ والوادي فيه حجارة وصخور يبقى الماء فيه زمنا.
[9] العضب: السيف. الأهرت: الواسع.
[10] الأزبر: القوي. المضبور: المكتنز لحما. القرا: الظهر. العلكد: الضخم. المعد: الغليظ الضخم.
[11] رواية الديوان:
(كره الرّوا، جمّ غضون الخدّ ... دلامز ذي نكف مسودّ) .
وفي الأنوار:
(كرّ الرّواجمّ غضون الجلد ... دلامز ذي نكب مسود) .
الكز: الصلب الشديد اليابس. البراجيم: جمع برجمة؛ وهي مفاصل الأصابع. ورواية الديوان «الروا» أي الماء الكثير المروي. الهصور: من الهصر؛ وهو الافتراس والكسر. ورواية الديوان والأنوار «غضون» وهي التجاعيد. «دلامز» : قوي ماض. «النكف» : غدد صغار في أصل اللحى.

الصفحة 571