كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

1313-[أثر الجوّ في الأبدان]
وقال إياس بن معاوية: «صحّة الأبدان مع الشمس» . ذهب إلى أهل العمد والوبر.
وقال مثنّى بن بشير: «الحركة خير من الظل والسّكون» .
وقد رأينا لمن مدح خلاف ذلك كلاما، وهو قليل.
وقيل لابنة الخسّ: أيّما أشدّ: الشتاء أم الصيف؟ قالت: ومن يجعل الأذى كالزمانة [1] ؟!.
وقال أعرابيّ: لا تسبّوا الشّمال فإنها تضع أنف الأفعى، وترفع أنف الرّفقة.
وقال خاقان بن صبيح، وذكر نبل الشتاء وفضله على نبل الصيف فقال:
«تغيب فيه الهوام، وتنجحر [2] فيه الحشرات، وتظهر الفرشة والبزّة [3] ، ويكثر فيه الدّجن [4] ؛ وتطيب فيه خمرة [5] البيت، ويموت فيه الذّبان والبعوض، ويبرد الماء، ويسخن الجوف، ويطيب فيه العناق» .
وإذا ذكرت العرب برد الماء وسخونة الجوف قالت [6] : «حرّة تحت قرّة» .
ويجود فيه الاستمراء؛ لطول الليل، ولتفصّي الحرّ [7] .
وقال بعضهم: لا تسرّنّ بكثرة الإخوان، ما لم يكونوا أخيارا؛ فإن الإخوان غير الخيار بمنزلة النار، قليلها متاع، وكثيرها بوار [8] .
__________
[1] الزّمانة: العاهة والآفة. والخبر في البيان 1/313، وفيه «من جعل بؤسا كأذى» ، وانظر أخبارها في بلاغات النساء 80- 86، والمزهر 2/540- 545.
[2] تنجحر: تدخل في الجحر.
[3] البزة: الهيئة والشارة واللبس.
[4] الدجن: ظل الغيم في اليوم المطير.
[5] الخمرة؛ مثلثة الراء: الرائحة الطيبة.
[6] مجمع الأمثال 1/197، وجمهرة الأمثال 1/341، 355، وهو مثل يضرب للذي يظهر خلاف ما يضمر.
[7] تفصي الحر: ذهابه وخروجه.
[8] البوار: الهلاك.

الصفحة 58