كتاب الحيوان (اسم الجزء: 5-6)

تلقى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ... وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا
فالبدء أضخم السّادات؛ يقال ثنى وثنيان، وهو اسم واحد. وهو تأويل قول الشّاعر [1] : [من الوافر]
يصدّ الشّاعر الثّنيان عنّي ... صدود البكر عن قرم هجان [2]
لم يمدح نفسه بأن لا يغلب الفحل وإنّما يغلب الثّنيان. وإنما أراد أن يصغّر بالذي هجاه، بأنه ثنيان، وإن كان عند نفسه فحلا وأمّا قول الشّاعر [3] : [من الوافر]
ومن يفخر بمثل أبي وجدّي ... يجئ قبل السّوابق وهو ثان
فالمعنى ثان عنانه.
أحاديث من أعاجيب المماليك
- أتيت باب السّعداني، فإذا غلام له مليح بالباب كان يتبع دابّته، فقلت له:
قل لمولاك، إن شئت بكرت إليّ، وإن شئت بكرت إليك. قال: أنا ليس أكلّم مولاي- ومعي أبو القنافذ- فقال أبو القنافذ: ما نحتاج مع هذا الخبر إلى معاينة.
- وقال أبو البصير المنجّم، وهو عند قثم بن جعفر، لغلام له مليح صغير السّنّ: ما حبسك يا حلقيّ؟ والحلقيّ: المخنث- ثمّ قال: أما والله لئن قمت إليك يا حلقيّ لتعلمنّ! فلمّا أكثر عليه من هذا الكلام بكى وقال: أدعو الله على من جعلني حلقيّا.
- حدّثني الحسن بن المرزبان قال: كنت مع أصحاب لنا، إذ أتينا بغلام سنديّ يباع، فقلت له: أشتريك يا غلام؟ فقال: حتّى أسأل عنك! - قال المكّي: وأتي المثنّى بن بشر بسنديّ ليشتريه على أنّه طبّاخ، فقال له المثنى: كم تحسن يا غلام من لون؟ فلم يجبه؛ فأعاد عليه، وقال: يا غلام كم تحسن من لون؟ فكلّم غيره وتركه؛ فقال المثنّى في الثالثة: ما له لا يتكلم؟ يا غلام، كم تحسن من لون؟ فقال السندي: كم تحسن من لون! كم تحسن من لون! وأنت
__________
[1] ديوان النابغة الذبياني 112، والعمدة 1/118، 2/188.
[2] البكر: الفتي من الإبل. القرم: الفحل من الإبل. الهجان: الأبيض.
[3] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (ثني) ، والتهذيب 14/232، والعمدة 1/189.

الصفحة 581