إذا الشّول راحت ثمّ لم تفد لحمها ... بألبانها ذاق السّنان عقيرها [1]
1326-[ما قيل من الشعر في الماء]
أما إن ذكرنا جملة من القول في الماء من طريق الكلام وما يدخل في الطب، فسنذكر من ذلك جملة في باب آخر:
قالوا [2] : مدّ الشعبي يده وهو على مائدة قتيبة بن مسلم يلتمس الشراب، فلم يدر صاحب الشراب اللبن، أم العسل، أم بعض الأشربة؟ فقال له: أي الأشربة أحبّ إليك؟ قال: أعزّها مفقودا، وأهونها موجودا! قال قتيبة: اسقه ماء.
وكان أبو العتاهية في جماعة من الشعراء عند بعض الملوك، إذ شرب رجل منهم ماء، ثمّ قال: «برد الماء وطاب» ! فقال أبو العتاهية: اجعله شعرا. ثمّ قال: من يجيز هذا البيت؟ فأطرق القوم مفكرين، فقال أبو العتاهية: سبحان الله! وما هذا الإطراق؟! ثمّ قال [3] : [من مجزوء الرمل]
برد الماء وطابا ... حبّذا الماء شرابا
وقال الله عزّ وجلّ: أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ
[4] ثمّ لم يذكره بأكثر من السلامة من التغيّر، إذ كان الماء متى كان خالصا سالما لم يحتج إلى أن يشرب بشيء غير ما في خلقته من الصّفاء والعذوبة، والبرد والطّيب، والحسن، والسّلس في الحلق. وقد قال عديّ بن زيد [5] : [من الرمل]
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصاري [6]
__________
[1] في المفضليات: «الشول: الإبل التي شولت ألبانها، أي ارتفعت. راحت: رجعت من المرعى.
يقول: إذا راحت ولم يكن بها لبن عقرتها» .
[2] الخبر باختصار في عيون الأخبار 2/200.
[3] الخبر مع البيت في ديوان أبي العتاهية 486، ومروج الذهب 4/175، وشذرات الذهب 2/25، والمثل السائر 1/176.
[4] 15/محمد: 47، والآسن: المتغير.
[5] ديوان عدي بن زيد 93، والبيان 3/359، والأغاني 2/114، ومعجم الشعراء 81، واللسان والتاج (عصر، غصص، شرق) ، وأساس البلاغة (عصر) ، وعمدة الحفاظ 2/265 (شرق) ، والخزانة 8/508، 11/15، 203، والعين 4/342، والجمهرة 731، والمقاييس 3/264، 4/383، والمقاصد النحوية 4/454، وبلا نسبة في الاشتقاق 269، والكتاب 3/121، ومغني اللبيب 1/268، وهمع الهوامع 2/66.
[6] في معجم الشعراء 81: «ينشد هذا البيت فيمن تستغيث به وتلجأ إليه» ، الاعتصار: أن يغص الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء، وهو أن يشربه قليلا قليلا.