ضحيان شاهقة يرفّ بشامه ... نديان، يقصر دونه اليعقوب [1]
بألذّ منك مذاقة لمحلّا ... عطشان داغش ثم عاد يلوب [2]
وقال جرير [3] : [من الكامل]
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة ... تدع الحوائم لا يجدن غليلا [4]
بالعذب من رصف القلات مقيله ... قضّ الأباطح لا يزال ظليلا [5]
1330-[فضل الماء]
قال: وفي الماء أنّ أطيب شراب عمل وركّب، مثل السّكنجبين [6] ، والجلّاب [7] ، والبنفسج وغير ذلك مما يشرب من الأشربة، فإن لذّ وطاب، فإنّ تمام لذّته إن يجرع شاربه بعد شربه له جرعا من الماء، يغسل بها فمه، ويطيّب بها نفسه، وهو في هذا الموضع كالخلّة والحمض جميعا [8] وهو لتسويغ الطعام في المريء [9] ، والمركب والمعبر، والمتوصّل به إلى الأعضاء.
فالماء يشرب صرفا وممزوجا، والأشربة لا تشرب صرفا، ولا ينتفع بها إلا بممازجة الماء.
__________
[1] الضحيان: البارز للشمس. شاهقة: عالية. البشام: نبت طيب الريح والطعم. يرف: يهتز. نديان:
أصابه الندى.
[2] المحلا: الممنوع من الماء. داغش: من المداغشة، وهي أن يحوم حول الماء من العطش. يلوب:
يدور حول الماء.
[3] ديوان جرير 453 (الصاوي) ، وهما لجرير أو لبيد في اللسان والتاج (وجد) ، ولم يردا في ديوان لبيد، والأول لجرير في اللسان والتاج (نقع) ، والمقاصد النحوية 4/591، ومغني اللبيب 1/272، وشرح شواهد الشافية 53، وللبيد في شرح شافية ابن الحاجب 1/32، وبلا نسبة في المنصف 1/187، وهمع الهوامع 2/66، وشرح المفصل 10/60، وسر صناعة الإعراب 2/596.
[4] في ديوان جرير: «النقع: الري. الحائم: الطالب للحاجة، وهو من يحوم حول الماء» .
[5] في ديوان جرير: «القلات: جمع قلت؛ وهي البئر في الصخرة من ماء السماء ولا مادة لها من الأرض. القض: الموضع الخصب، وهو أعذب ماء وأصفى» .
[6] السكنجبين: معرب من الفارسية، وأصله فيها «سركنكبين» ، و «سركا» تعني الخل، و «أنكبين» تعني العسل. انظر السامي في الأسامي 201، 204.
[7] الجلاب: ماء الورد.
[8] الخلة: ما فيه حلاوة من النبت، والحمض: ما فيه حموضة أو ملوحة.
[9] المريء: مجرى الطعام والشراب.