ودخل بعض أغثاث [1] شعراء البصريين على رجل من أشراف الوجوه يقال في نسبه [2] ، فقال: إني مدحتك بشعر لم تمدح قطّ بشعر هو أنفع لك منه. قال: ما أحوجني إلى المنفعة، ولا سيّما كلّ شيء منه يخلد على الأيام، فهات ما عندك فقال: [من السريع]
سألت عن أصلك فيما مضى ... أبناء تسعين وقد نيّفوا [3]
فكلّهم يخبرني أنه ... مهذّب جوهره يعرف
فقال له: قم في لعنة الله وسخطه! فلعنك الله ولعن من سألت ولعن من أجابك!!
[باب في السّخف والباطل]
(باب)
1340-[في السّخف والباطل]
وسنذكر لك بابا من السّخف، وما نتسخّف به لك، إذ كان الحق يثقل ولا يخفّ إلا ببعض الباطل.
أنشدنا أبو نواس في التدليك: [من الرجز]
إن تبخلي بالرّكب المحلوق ... فإنّ عندي راحتي وريقي
وهذا الشعر مما يقال إن أبا نواس ولّده.
ومما يظنّ أنه ولّده قوله: [من الرجز]
لم أر كاللّيلة في التوفيق ... حرا على قارعة الطريق
كأنّ فيه لهب الحريق
وأنشدني ابن الخاركي لبعض الأعرب في التدليك: [من الرجز]
لا بارك الإله في الأحراح ... فإن فيها عدم اللّقاح
لا خير في السفاح واللّقاح ... إلا مناجاة بطون الرّاح
__________
[1] أغثاث: جمع غث؛ وهو الرديء السيئ الخلق، والخبر مع الشعر في عيون الأخبار 2/53.
[2] أي يطعن في نسبه.
[3] في عيون الأخبار «أبناء سبعين» .