كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 6)
يقول الحسن البصري: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم!
ومن هنا كان حرصهم البالغ على عمارة أوقاتهم بالعمل الدائب والحذر أن يضيع شيء منه في غير جدوى، يقول عمر بن عبد العزيز: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما!
وكانوا يقولون: من علامة المقت إضاعة الوقت. ويقولون: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك. وكانوا يحاولون دائماً الترقي من حال إلى حال أحسن منها، بحيث يكون يوم أحدهم أفضل من أمسه وغده أفضل من يومه ويقول في هذا قائلهم: من كان يومه كأمسه فهو مغبون ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون!
وكانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم أو برهة من الزمان وإن قصرت دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع إلى الغير حتى لا تتسرب الأعمار سدى وتضيع هباء وتذهب جفاء وهم لا يشعرون.
وكانوا يعتبرون من كفران النعمة ومن العقوق للزمن: أن يمضي يوم لا يستفيدون منه لأنفسهم ولا للحياة من حولهم نمواً في المعرفة ونموا في الإيمان ونمواً في عمل الصالحات.
يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي!
وقال آخر: كل يوم يمر بي لا أزداد فيه علماً يقربني من الله عز وجل فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم] الوقت في حياة المسلم ص12 - 13.
وبعد هذا الكلام الموجز في بيان أهمية الوقت في حياة المسلم أعود إلى إجابة السؤال فأقول بأنه قد صح في الحديث عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... (كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها) رواه البخاري ومسلم.
الصفحة 299
560