كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 5)

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان أحياناً يصلي قاعداً فإذا قرب من الركوع فإنه يركع ويسجد وهو قائم وأحياناً يركع ويسجد وهو قاعد فهذا قد يكون للعذر أو للجواز ولكن تحريه مع قعوده أن يقوم ليركع ويسجد وهو قائم دليل على أنه أفضل إذ هو أكمل وأعظم خشوعاً لما فيه من هبوط رأسه وأعضائه الساجدة لله من القيام ... ] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 173.
واستحب القيام لسجدة التلاوة بعض متأخري الحنفية فقد جاء في الدرّ المختار وحاشية ابن عابدين عليه: [قوله بين قيامين مستحبين أي قيام قبل السجود ليكون خروراً وهو السقوط من القيام وقيام بعد رفع رأسه] رد المحتار 2/ 107.
وحجة هؤلاء الفقهاء القائلين باستحباب القيام لسجود التلاوة أن الله تعالى قال:
(إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا) سورة الإسراء الآية 107. فالخرور سقوط من قيام.
واحتجوا بما رواه ابن أبي شيبة عن وكيع قال: [حدثنا شعبة عن شمسية أم سلمة عن عائشة رضي الله عنها: (أنها كانت تقرأ في المصحف فإذا مرّت بالسجدة قامت فسجدت)] مصنف ابن أبي شيبة 2/ 499.
وكل ما ذكره هؤلاء الفقهاء الأجلاء لا يصلح لإثبات مشروعية القيام لمن أراد سجود التلاوة فمن المعلوم أن سجدة التلاوة عبادة والأصل في العبادات التوقيف على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.
أما الآية الكريمة فلا دلالة فيها على القيام لسجدة التلاوة وأما أثر عائشة فضعيف غير ثابت عنها فلا يصلح دليلاً، قال الإمام النووي: [وهل يستحب لمن أراد السجود أن يقوم فيستوي قائماً ثم يكبر للإحرام ثم يهوي للسجود بالتكبيرة الثانية فيه وجهان:
أحدهما: يستحب، قاله الشيخ أبو محمد الجويني والقاضي حسين والبغوي والمتولي وتابعهم الرافعي.

الصفحة 33