كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 6)

[وتمسك علماؤنا بقوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) سورة البقرة الآية 271. والصدقة متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض] تفسير القرطبي 8/ 168. ومراد القرطبي أن الآية لم تذكر إلا صنفاً واحداً - الفقراء - من الأصناف الثمانية.
واحتج الشيخ ابن قدامة المقدسي لقول الجمهور بحديث معاذ - رضي الله عنه - لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فقال: [(أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) فأخبر أنه مأمور برد جملتها في الفقراء وهم صنف واحد ولم يذكر سواهم ثم أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان سوى الفقراء وهم المؤلفة: الأقرع بن حابس وعينية بن حصن وعلقمة ابن علاثة وزيد الخيل قسّم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه علي من اليمن وإنما يؤخذ من أهل اليمن الصدقة ثم أتاه مال آخر: فجعله في صنف آخر لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله فقال: (أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها) وفي حديث سلمة بن صخر البياضي: أنه أمر له بصدقة قومه ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد] المغني 2/ 499.
وحديث معاذ الذي ذكره ابن قدامة رواه البخاري ومسلم، وأما حديث الذهبية فهو ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: (بعث علي - رضي الله عنه - وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعينية بن بدر الفزاري وعلقمة بن ملائة العامري ثم أحد بني كلاب وزيد الخير الطائي ثم أحد بني نبهان فغضبت قريش فقالوا: أيعطي صناديد نجد ويدعنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم ... ) الحديث، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى هؤلاء المؤلفة قلوبهم فقط ولو كان استيعاب الأصناف واجباً لاستوعبها.
وأما حديث قبيصة فهو ما رواه مسلم بإسناده عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: (تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها فقال: أقم حتى

الصفحة 384