كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 135 """"""
زِحاف من نقصٍ به أو زيادة ، فيثبته بعد تحريره ، ويضعَ الضبط في مواضعه ، فإن تغييره يُخلّ بالمعنى ويفسده ، ويحيله عن صفته المقصودة ؛ فإذا عرف الناسخ هذه الفوائد وأتقنها ، وحرّر هذه القواعد وفنّنها ، وأوضح هذه الأسماء وبيّنها ، وسلسل هذه النساب وعنعنها ؛ . . . . . . والمرغوب في علمه وكتابته ، فليبسط قلمه عند ذلك في العلوم ، ويضع بن المنتور والمنظوم ؛ ولنذكر كتابة التعليم .
ذكر كتابة التعليم وما يحتاج من تصدي لها إلى معرفته
وكتابة التعليم تنقسم إلى قسمين : تعليم ابتداء ، وتعليم انتهاء فأما تعليم الابتداء - فهو ما يعلّمه الصبيان في ابتداء أمرِهم ؛ وأول ما يبدأ به المؤدب من تعليم الصبي أن يُكتبه حروف المعجم المفردات ؛ فإذا علمها الصبي وعرف كيف يضعها ، وميّز بين المعجم والمهمل منها امتحنه المؤدب بتقطيعها وسؤاله عنها على غير وضعها ، مثل أن يسأله عن النون ، ثم الجيم ، والضاد ونحو ذلك ؛ فإذا أجابه عما فرّقه وعكسه عليه من ذلك أنه أتقن هذه الحروف فيهنجيه الحروف بعد ذلك حرفاً حرفاً ، كل حرف وهجاءه في المنصوب والمجرور والمرفوع والمجروم ، فإذا عرف هجاء هذه الحروف وأتقنه ، وامتحنه نحو ما تقدّم جمع له بعد ذلك كل حرف إلى آخر كتابه ، من الباء والجيم والدال والراء والسين والصاد والطاء والعين والفاء والكاف واللام والميم ، يبدأ بالباء مع الألف وما بعدها ثم يُكتبه البسملة ، ويأخذ في تدرجه في الكتابة ، وتدريبه في استخراج الحروف بالهجاء وما يتولد منها إذا اجتمعت ، إلى أن يقوى فيها لسانه ويده ، ويقرأ ما يُكتب له ، ويكتب ما يُقترح عليه من غير منبه له ولا مساعد ؛ فهذه كتابة الابتداء ؛ ولا ينبغي أن يتصدى لها إلا من اشتهرت ديانته وحسن اعتقاده والتزامه طريق السنة ، ومن كان بخلاف ذلك ، أو ممن طُعن فيه بوجه من وجوه المطاعن وجب على ناظر الحِسبة منعه .

الصفحة 135