كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 142 """"""
وأما لأصناف الآساد وأجناسها - فالذي يعرفها الناس منها صفتان : أحدُهما مستدير الجُثة ، والآخر طويلُها ، كثير الشعر ؛ وعدّ أرسطو من هذا النوع ضروباً كثيرة ، حكى عن بعض من تكلم في طبائع الحيوان قبله أن في أرض الهند سبعاً - سماه باليونانية - في عِظَم الأسد وخلقته ، ما خلا وجهه فإنه شبيه بوجه الإنسان ولونه شديد الحمرة ، وذنبه شبيه بذنب العقرب ، وفي طرفه حًمة ، وله صوت يشبه صوت الزمارة وهو قوي ، ويأكل الناس ؛ وذكر أن من السباع ما يكون في عِظَم الثور وفي خلقته ، له قرونٌ سود ، طويلُها ، في قدر الشبر ، إلا أنه يحرّك الفك الأعلى كما يحرّكه الثور ، ولرجليه أظلاف مشقوقة ، وهو قصير الذنب بالنسبة إلى نوعه ، ويحفر الأرض بخرطومه ، ويستفّ التراب ، وإذا خرج هرب ، فإن طُلب رمح برجليه ، ورمى برجيعه على بعد .
وأما عاداتها في حملها ووضعها وحضانتها - فقد قال صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر : إن أصحاب الكلام في طبائع الحيوان يقولون : إن اللبؤة لا تضع إلا جرواً واحداً ، وتضعه بضعة لحم ليس فيها حس ولا حركة فتحرسه من غير حضانة ثلاثة أيام ، ثم يأتي أبوه بعد ذلك فينفخ في تلك البضعة المرة بعد المرة حتى تتحرك وتتنفس وتنفرج الأعضاء وتتشكل الصورة ، ثم تأتيه أمه فترضعه ولا يفتح عينيه إلا بعد سبعة أيام من تخليقه ؛ واللبؤة ما دامت ترضع لا يقربها الذكر البتة ؛ فإذا مضى على الجرو ستة أشهر كلف الاكتساب بالتعليم والتدريج وطارد الذكر الأنثى ، فإن كانت صافراً أمكنته من نفسها ، وإن لم تكن كذلك منعته ودفعته عن نفسها ، وبقيت مع جروها بقية الحول وستة أشهرٍ من الثاني ، وحينئذ تألف الذكر وتمكنه من نفسها ؛ والله أعلم .
وأما عادتها في وثباتها وأفعالها وصبرها وسرعة مشيها وأكلها - فإن للأسد من بعد الوثبة ، واللصوق بالأرض ، والإسراع في الحُضر إذا هرب ، والصبر على الجوع ، وقلة الحاجة إلى الماء ، ليس لغيره من السباع ؛ قالوا : وربما سار في طلب القوت ثلاثين فرسخاً ، ولا يأكل فريسة غيره من السباع ، وإذا شبع من فريسته تركها ، ولم

الصفحة 142