كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 152 """"""
لبؤة ونمر ؛ ويقال : إن الفهدة إذا حملت وثقل حملها حنَا عليها كل ذكر يراها من الفهود ، ويواسيها من صيده ، فإذا أرادت الولادة هربت إلى موضع قد أعدته لنفسها ، حتى إذا علّمت أولادها الصيد تركتها ؛ وبالفهد يُضرب المثل في شدة النوم ؛ قال بعض الشعراء :
رقدت مقلتي وقلبي يقظا . . . ن يحس الأمور حساً شديدا
يُحمد النوم في الجواد كمالاً . . . يمنع الفهد نومه أن يصيدا
وقال الجاحظ : قال صاحب المنطق : والفهد إذا اعتراه الداء الذي يقال له : خانقة الفهود أكل العذرة فبرأ منه ؛ قال : والسباع تشتهي رائحة الفهود ، والفهد يتغيب عنها ، وربما قرب بعضها من بعض فيطمِع الفهد في نفسه ، فإذا أراده الفهد وثب عليه السبع فأكله ؛ قالوا : وليس شيء في الحيوان في جِرم الفهد إلا والفهد أثقل منه وأحطم لظهر الدابّة ؛ والإناث أصعب خُلقاً وأكثر جراءةً وإقداماً من الذكور ؛ ومن خُلق الفهد الحياء ، وذلك أن الرجل يمر بيده على سائر جسده فيسكن لذلك ، فإذا وصلت يده إلى مكان الثفْر قلق حينئذ وغضب ؛ ويقال : أول من صاد بالفهد كُليب وائلَ ، وقيل : همام بن مرة ، وكان صاحب لهو وطرب ؛ وأول من حمله على الخيل يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، وأكثر من اشتهر باللعب بها أبو مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية ، وأول من استسن حلقة الصيد المعتضد بالله ؛ والمواضع التي توجد فيها الفهود ما يلي بلاد الحجاز إلى اليمن ، وما يلي الحجاز إلى العراق ، وما يلي بلاد الهند إلى تُبّت ، وتوجد أيضاً في بريّة عيذاب من أعمال قوص من الديار المصرية .
وقد ولع الشعراء والفضلاء بوصف الفهود نظماً ونثراً ؛ فمن ذلك قول أبي إسحاق الصابي في رسالة طردية جاء منها : ومعنا فهود أخطف من البروق ، وأسرع

الصفحة 152