كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)
"""""" صفحة رقم 157 """"""
والصورة معروفة النتاج مثل الذئاب التي تسفد الكلاب في أرض رومية ؛ قال : وتتولد أيضاً كلابٌ سَلوقية بين ثعالب وكلاب ؛ قال : وبين الحيوان الذي يسمى باليونانية طاغريس والكلب تحدث هذه الكلاب الهندية ؛ قال : وليس يكون ذلك من الولادة الأولى ؛ هذا ما حكاه الجاحظ عن صاحب المنطق . وحكى الجاحظ عن بعض البصريّين عن بعض أصحابه ، قال : وزعموا أن النتاج الأول يخرج صعباً وحشياً لا يلقّن ولا يؤلّف ؛ وزعم لي بعضهم عن رجلٍ من أهل الكوفة من بني تميم أن الكلبة تَعرِض لهذا السبع حتى تلْقح ، ثم تعرض لمثله مراراً حتى يكون جرو البطن الثالث قليل الصعوبة يقبل التلقين ، وأنهم يأخذون إناث الكلاب ويربطونها في تلك البراري ، فتجيء هذه السباع فتسفدها ، قال : وليس في الأرض أنثى يُجتمع على حب سِفادها ، ولا ذكرٌ يَجتمع له من النزاع إلى سِفاد الأجناس المختلفة أكثر في ذلك من الكلب والكلبة ؛ وقال : إذا ربطوا هذه الكلاب الإناث في تلك البراري ، فإن كانت هذه السباع هائجة سِفدتها ، وإن لم تكن السباع هائجة فالكلبة مأكولة ؛ قال الجاحظ : ولو تم للكلب معنى السبع وطباعه ما ألف الإنسان واستوحش من السبع ، وكره الغياض ، وألف الدور ، واستوحش من البراري وجانَب القفار ، وألف المجالس والديار ؛ ولو تم له معنى البهيمة في الطبع والخُلق والغذاء ما أكل الحيوان ، وكلب على الناس ، نعم حتى ربما وثب على صاحبه ؛ وذكر من معايب الكلب وذمّه ، فقال : إنه حارسٌ محترسٌ منه ، ومؤنِسٌ شديد الإيحاش من نفسه ، وأليفٌ كثير الجناية على إلفه ، وإنما قبلوه حين قبلوه على أن ينذرهم بموضع السارق ، وتركوا طرده لينبههم على مكان المبيِّت ، وهو أسرق من كل سارق ، وأدوم جناية من ذلك المبيّت ، فهو سراق وصاحب بيات ، وأكالٌ للحوم الناس إلا أنه يَجمع سرقة الليل مع سرقة النهار ، ثم لا تجده أبداً يمشي في خزانةِ أو مطبخٍ أو في عرْصِة دارٍ أو في طريق أو براريّ ، أو على ظهر جبلٍ أو في بطن وادٍ إلا وخطْمه أبداً في الأرض يتشمم
الصفحة 157
248