كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)
"""""" صفحة رقم 16 """"""
فصل
وأما الشركة فهي تصح في الذهب والفضة ،
وسبيل الكاتب فيها أنه إذا أتفق اثنان على الشركة ، فأخرج كل واحد منهما مالاً وخلطاه ، وأراد المكاتبة بينهما كتب ما مثاله : أقر كل واحد من فلان وفلان عند شهوده إقرار صحيحاً شرعياً بأنهما اشتركا على تقوى الله تعالى ، وإيثار طاعته ، وخوفه ومراقبته ، والنصيحة من كل منهما لصاحبه ، والعمل بما يرضي الله تعالى في الأخذ والعطاء ، وهو أن كلاً منهما أخرج من ماله كذا وكذا ، خلطا ذلك حتى صار شيئاً واحداً ، لا يتميز بعضهُ من بعض وجملته كذا وكذا ، ووضعا أيديهما عليه ، وتراضيا على أنهما يبتاعان به من المكان الفلاني أو المدينة الفلانية ما أحبا واختارا من أصناف البضائع وأنواع المتاجر ويجلسان به في حانوت بالبلد الفلاني ، إن كان اتفاقهما على ذلك ، وإن كانا يسافران به كتب : وسافران به إلى البلاد الفلانية وفي البر والبحر العذب والملح أو أحدهما دون الآخر على حسب اتفاقهما ، ويتوليان معاً ذلك بأنفسهما ومن يختاره من وكلائهما ونوابهما ، على ما يريان في ذلك من الحظ والمصلحة ويبيعان ذلك بالنقد دون النسيئة ، ويسلمان المبيع ، ويتعوضان بالثمن ما أحبا واختارا ، ويديران هذا المال في أيديهما على ذلك حالاً بعد حال ، وفعلاً بعد فعل ، ومهما فتح الله من ذلك من ربح وفائدة بعد إخراج رأس المال والمؤن والكلف وحق الله تعالى إن وجب ، كان الربح بينهما مقسوماً نصفين بالسوية ، تعاقداً على ذلك معاقدة صحيحة شرعية شفاهاً بالإيجاب والقبول ، وأذن كل واحد منهما لصاحبه في البيع والشراء ، والأخذ والعطاء ، في غيبة صاحبه وحضوره ، إذنا شرعياً ، وعلى كل منهما أداء الأمانة ، وتجنب الخيانة ، وتقوى الله في السر والعلانية والنصيحة لصاحبه ، ومعاملة شريكه بالمعروف والإنصاف .