كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 171 """"""
أنتن من سُلاح الحُباري ، فإذا تعرّض للقنفذ لقيه القنفذ بشوكه واستدار كالكُرة ، فيسلح الثعلب عليه ، فلا يتمالك القنفذ أن ينسدخ ، فيقبض الثعلب على مراقّ بطنه ؛ ومن ظريف ما يُحكى عنه أن البراغيث إذا كثرت في فروته تناول صوفة بفمه ؛ ثم يدخل النهر برفقٍ وتدريج ، والبراغيث تصعد إذا قاربها الماء حتى تجتمع في تلك الصوفة التي في فيه ، فعند ذلك يلقيها في الماء ويخرج منه ؛ والذئب يطلب أولاد الثعلب ، فإذا ولد له وضع ورق العنصل على باب وجاره فلا يصل الذئب إليه ، لأنه متى وطئ العنصل مات لوقته ؛ ويقال : إن قضيب الثعلب في خلقة الأنبوب ، وأحد شطريه عظم ، والآخر عصبٌ ولحم ؛ وربّما يسفد الثعلب الكلبة فتأتي منه بولد في خلقة السلوقي الذي لا يُقدر على مثله ؛ وفرو الثعلب من أجود الأوبار وأفضلها ، ومنه الأسود والأبيض والخلنجي وأدونه الأعرابي لقلة وبره ، وما كان منه ببلاد الترك يسمى البُرطاسي لكثافة وبره وحسن لونه ، ووبره أنواع ، منها السارسيتا والبُرطاسي والغيب والنيفق ؛ قال الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا : والثعلب فيه تحليل ، وفراؤه أسخن الفراء ، تنفع المرطوبين لتحليلها آلات المفاصل ؛ قال : وإذا طُبخ الثعلب في الماء وطليت به المفاصل الوجعة نفع نفعاً جيّداً ، وكذلك الزيت الذي يُطبخ فيه حياً أو مذبوحاً فإنه يحلل ما في المفاصل ، وشحمه يُسكّن وجع الأذن إذا قُطر فيها ؛ ورئته المجفّفة نافعةٌ لصاحب الربو جداً ، والشربة منها وزن درهمين والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .

الصفحة 171