كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 172 """"""
قال أبو الفرج الببغاء يصفه :
وأعفِر المسك تلقاه فتحسبه . . . من أدكن الحزّ مخبوء بخيفان
كأن أذنيه في حسن انتصابهما . . . إذا هما انتصبا للحس زجّان
يسري وينبعه من خلفه ذنبٌ . . . كأنه حين يبدو ثعلب ثاني
فلا يشك الذي بالبعد يبصره . . . فرداً بأنهما في الخلقة اثنان
وقال آخر :
جاؤوا بصيدٍ عجبٍ من العجب . . . أزيرق العينين طُوّال الذنب
تبرق عيناه إلى ضوء الشُّهُب
ذكر ما قيل في الدب
والدب مختلف الطبائع ، يأكل ما تأكله السباع ، ويرعى ما ترعاه الدوابّ ، ويتناول ما يأكله الناس ؛ وفي طبعه أنه إذا كان أوان السفاد خلا ذكر بأنثاه ، والذكر يسفد أنثاه مضطجعة على الأرض ، وهي تضع جروها فِدرة لحم غير مميز الجوارح ، فتهرب به من موضع إلى آخر خوفاً عليه من النمل ، وهي مع ذلك تلحسه حتى تنفرج أعضاؤه ويتنفس ، وفي ولادتها صعوبة ، فزعم بعض من فحص عن طبائع الحيوان أن الدبة تلد من فيها ، وأنها إنما تلده ناقص الخلق شوقاً إلى الذكر وحرصاً على السفاد ، وهي لشدة شهوتها تدعو الآدمي إلى وطئها ؛ وفيما حُكي لي أن إنساناً كان سائراً في بعض الغياض لمقصده ، فصادف دبة ، فأخذته وأومأت إليه بالإشارة أن يواقعها ، ففهم عنها وفعل ، فلما فرغ عمدت إلى أقدامه فلحست مواطئها حتى نعمت ، ولم تزل تكرر لحسها وتمر بلسانها عليها حتى بقي الرجل يعجز عن الوطء بها على الأرض ، فعند ذلك أمنت هربه وتركته ، فكانت تغدو وتتكسّب وترجع إليه بما يأكله وهو يواقعها ،

الصفحة 172