كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 182 """"""
وتضع لمضيّ ستة أشهر من حملها ؛ وقال الجاحظ : إنها تضع في أربعة أشهر ؛ والخنزير إذا تمت له ثمانية أشهر ، والخنزيرة إذا تمت لها ستة أشهر اشتهت السِّفاد ، ولكن لا يجيء أولادها كما يريدون ؛ وأجود النزو أن يكون ذلك منه وهو ابن عشرة أشهر إلى ثلاث سنين ؛ وإذا كانت الخنزيرة بِكراً ولدت جراء ضعافاً وكذلك البكر من كل شيء ، وإذا بلغت الخنزيرة خمسة عشرة سنة لا تلد بعدها ، وهي أنسل الحيوان ، والذكر أقوى الفحول على السِّفاد ، وأطولها مكثاً فيه ؛ ويقال : إنه ليس شيء من ذوات الأنياب ما للخنزير من القوة في نابه ، وربما طال ناباه حتى يلتقيا ، فيموت عند ذلك جوعاً ، لأنهما يمنعانه من الكل ، وهو متى عضّ كلباً سقط شعر الكلب ، وإذا أراد محاربة الأسد جرّب نفسه قبل الإقدام عليه بأن يضرب شجرةً بنابه ، فإن قطعها حارب الأسد ، وإلا هرب منه ولم يقاتله ؛ وأخبرني من رآه وقد جرّب نفسه في شجرة وضربها بأنيابه ، فتمكّنت أنيابه منها وثبتت فيها ، فأراد الخلاص فعجز ، فجاء الأسد إليه وهو على تلك الحالة فافترسه ؛ قالوا : ويعتري ذكوره داء الحُلاق واللِّواط ، فربما يُرى الخنزير وقد ألجأه أكثر من عشرين خنزيراً إلى مِضيق ، ثم ينزو عليه الأمثلُ ، إلى أن يبلغ آخرهم ؛ والخنزير إذا قلعت إحدى عينيه هلك عاجلاً ؛ ويقول الأطباء : إنه متى فسد من عظام الإنسان عظمٌ ووُضع في مكانه عظمٌ من عظام الخنزير قبلته الطبيعة ونبت عليه اللحم ؛ وحكى أرسطو أن عمر الخنزير من خمسة عشر سنة إلى عشرين سنة ؛ وقلما ذكر الفضلاء والشعراء الخنزير في رسائلهم وأشعارهم ، وسأثبت في هذا الموضع ما وقفتُ عليه في هذا المعنى .
فمن ذلك ما كتب به عطاء بن يعقوب الغزنوي يعرّض فيها بقاض ، قال منها : وما مثل فلانٍ في استنابته إلا كمثل رجلٍ رأى في المنام أنه يضاجع خنزيراً ، فبكر إلى المعبِّر ليعبِّر منامه تعبيراً ؛ فقال المعبِّر : يا برذعة الحمير ، ما غرّك بالخنزير ؟ ألين ملمسه ، أم حسن مَعطِسه ؛ أم شكله الرشيق ، أم طرفه العشيق ؛ أو لقاؤه البهج ، أم قِباعه الغَنِج ؛ أم شعره الرَّجل ، أم ثغره الرَّتل ؟ .

الصفحة 182