كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)
"""""" صفحة رقم 188 """"""
به ، فرفعت ذنبها ورجلها ، فعلمت أنها تريد مني ركوبها ، فركبتها واستويت عليها ، وأومأت إليّ أن أستوِ ، فاستويت على شيءٍ وطئ ، فسارت سيراً عنيفاً إلى أن جاءت بي في ليلتي إلى موضع زرعٍ وسواد ، فأومأت إليّ أن أنزل ، وبركت برجلها حتى نزلت عنها ، فسارت سيراً أشدّ من سيرها بي ، فلما أصبحت رأيت زرعاً وسَواداً وناساً ، فحملوني إلى ملكهم ، وسألني تُرجمانه ، فأخبرته بالقصة وبما جرى على القوم ، فقال لي : أتدري كم المسير الذي سارت بك الليلة ؟ فقلت : لا ، فقال : مسيرة ثمانية أيام سارت بك في ليلة ، فليثبت عندهم إلى أن حُمِلت ورجعت ؛ والله أعلم بالصواب .
ذكر شيء مما وصف به الفيل نظماً
من ذلك ما قاله الأرجاني من أيبات وصف فيها مجلس ممدوحه ، فقال :
والفيلُ في ذيل السِّماط له . . . زَجَلٌ يُهال له الفتى ذُعرا
في موقف الحُجّاب يؤمر أو . . . يُنهى فيُمضي النهيَ والأمرا
أذنان كالتُّرْسين تحتهما . . . نابان كالرمحين إن كرّا
يعلو له فَيّاله ظَهَراً . . . فيظلّ مِثلَ من اعتلى قصْرا
وقال عبد الكريم النهشلي يصفه : وأضخم هندي النجار تعده . . . ملوك بني ساسان إن نابها دهر
يجيء كطودٍ جائلٍ فوق أربعٍ . . . مضبّرةٍ لُمّت كما لُمّت الصخر
له فخذان كالكثيبين لُبِّداً . . . وصدرٌ كما أوفى من الهَضْبة الصدر
ووجهٌ به أنفٌ كراووق خمرةٍ . . . ينال به ما تدرك الأنمل العشر
وجُبّان لا يُروي القُليب صداهما . . . ولو أنه بالقاع مُنْهرِتٌ حَفْر
الصفحة 188
248