كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 193 """"""
يختلط به غيره من الحيوان ؛ قال الجاحظ : وقد قالوا في ولدها وهو في بطنها لولا أنه ظاهرٌ على ألسنة الهند لكان أكثر الناس بل كثيرٌ من العلماء يُدخلونه في الخُرافة ، وذلك أنهم يزعمون أن أيام حملها إذا كادت أن تتم ونضجت وسخنت وجاء وقت الولادة فربما أخرج الولد رأسه من ظَبْيتها فأكل من أطراف الشجر ، فإذا شبع أدخل رأسه ، حتى إذا تمت أيامه ، وضاق به مكانه ، وأنكرته الرحم ، وضعته مطيقاً قوياً على الكسب والحُضْر ، لا يعرِض له شيء من السباع ؛ وهذا القول أيضاً ذكره المسعودي ؛ قال : وإذا اغتلم الفيل في بلاد الهند لا يقوم له شيء من الوحوش إلا الكركدن ، فإنه يقتحم عليه ، فيُحجم عنه ويذهب عنه سكر الاغتلام ؛ وقيل : إنه يطعن الفيل بقرنه فيموتا جميعاً ، فمنهم من يقول : إنه يثقل عليه فلا يستطيع أن يُخرج قرنه من جوفه ، فيكون ذلك سبب حتفهما ؛ ومنهم من يقول : إن قرنَه من السّموم التي تقتل الفيل ، ودم الفيل من السّموم التي إذا وقعت على قرن الكركدن مات ؛ وحكي لي من يرجع إلى قوله ، ويُعتمد على نقله من الحُبوش أن الكركدن ببلاد الحبشة إذا رأى الرجل قصده ليقتله ، فيعمد الرجل إلى شجرةٍ فيتعلّق بها ، فيحاوله الكركدن ، فربما كسر تلك الشجرة وأهلكه ، فإن بال الرجل على أذن الكركدن هرب وأسرع الحُضْر فلا يقف ولا يعود إليه ، فيسلَم منه ؛ والله أعلم بالصواب .
ذكر ما قيل في الزرافة
والزرافة في كلام العرب : الجماعة ، وإنما سميت الزرافة زرافةً لاجتماع صفاتٍ عدة من الحيوان فيها ، وهي عنق الجمل ، وجلد النمر ، وقرن الظبي ، وأسنان البقر ، ورأس الأيل ؛ وزعم بعض من تكلم في طبائع الحيوان أنها متولدة من حيوانات ، ويقال : إن السبب في ذلك اجتماع الوحوش والدواب في القيظ في شرائع المياه ، فتتسافد ، فيلقح منها ما يلقح ، ويمتنع ما يمتنع ، فربما يسفد الأنثى من الحيوان ذكورٌ كثيرة ، فتختلط مياهها ، فيجيء خلقٌ مختلف الصور والألوان والأشكال ؛ والفُرْس تسمّى الزرافة اشتُركا ويلنك وتفسير اشْتُر : بعير ؛ وتفسير كاو : بقرة ؛ وتفسير

الصفحة 193