كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)
"""""" صفحة رقم 197 """"""
والذكر لفرط شهوته يركب الذكر ؛ وإذا ركب واحدٌ منها شم الباقي روائح الماء منه ، فيثبن عليه ، ولا يمنع ما يثب عليه بعد ذلك ؛ ولم أقف من أحواله على غير هذا الذي أوردته ، فلنذكر ما وصف به .
وصف المها
فمن ذلك ما قاله كاتبٌ أندلسي من رسالةٍ طرديةٍ ، جاء منها : وعنّ لنا سِربُ نعاجٍ يمشين وهْواً كمشي العذارى ، ويتثنّين زهواً تثنّي السُّكارى ؛ كأنما تُجلّل بالكافور جلودها ، وتُضمّخ بالمسك قوائمها وخدودها ؛ وكأنما لبسن الدِّمَقْس سِربالاً ، واتخذن السندس سِروالاً .
من كل مهضمة الحشا وحشيةٍ . . . تحمي مَداريها دماء جلودها وكأنما أقلام حبرٍ كتبت . . . بمداد عينيها طُروس خدودها
فأرسلنا أولي الخيل على أخراها ، وخلّيناها وإياها ؛ فمضت مُضيّ السهام ، وهوت هُوِيّ السَّمام ؛ فجالت في أسرابها يميناً وشِمالاً ؛ فكأنما أهدت لآجالها آجالاً ؛ فمن متّقٍ بروقه ، وكابٍ أتاه حتفُه من فوقِه .
وقال الأخطل يصف ثوراً :
فما به غير موشيٍّ أكارعه . . . إذا أحس بشخصٍ ماثلٍ مَثُلا
كأن عطّارة باتت تُطيف به . . . حتى تسربلَ ماء الوَرس وانتعلا
كأنه ساجدٌ من نضْج ديمته . . . مقدِّسٌ قام تحت الليل فابتهلا
ينفي التراب بروقيه وكلكله . . . كما استماز رئيس المِقْنَب النَّفَلا
الصفحة 197
248