كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
وقال عدي بن الرقاع يصف ثورين يعدوان :
يتعاوران من الغبار مُلاءةً . . . بيضاء محكمةٌ هما نسجاها
تطوّى إذا وردا مكاناً جاسياً . . . وإذا السنابك أسهلت نشراها
وقال الطِّرمّاح يصف عدوه بسرعة :
يبدو وتُضمره البلاد كأنه . . . سيفٌ على شرفٍ يُسَلّ ويُغمَد
وأما ما قيل في الإيّل - فهو من أصناف البقر الوحشية ، وهذا الحيوان يسمن كثيراً ، وإذا سمن اختفى خوفاً أن يصاد لسمنه ؛ وهو مولع بأكل الحيّات ، يطلبها في كل موضع ، فإن انجحرت أخذ الماء بفمه ، ونفخه في الحُجر ، فتُخرج له ذنبها فيأكلها ، حتى إذا انتهى إلى رأسها تركه خوفاً من السم ، وربما لسعته فتسيل دموعه إلى نقرتين تحت محاجر عينيه تدخل في كل واحدةٍ منهما الإصبع ، فتجمد تلك الدموع فتصير كالشمع ، تُتخذ دِرياقاً لسم الحيات ، وهو البازَهر الحيواني ؛ قالوا : وإذا لسعته الحيات أكل السراطين فيبرأ ويبرئه أكل التفاح أيضاً وورق شجره ؛ وهو لا تنبت له قرونٌ إلا بعد أن تمضي له سنتان من عمره ، فإذا نبت قرناه نبتا مستقيمين كالوتدين ، وفي الثالثة يتشعبان ، ولا يزال التشعب في زيادة إلى تمام ست سنين ، وحينئذ يكونان كالشجرتين على رأسه ، ثم بعد ذلك يلقي قرونه في كل سنة ، ثم تنبت ، وإذا نبتا عرّضهما للشمس حتى يصابا ؛ وهما إذا كبرا على رأسه منعاه من الجري ؛ ولا يكاد يفلت إذا طلبته الخبل ؛ وإذا ألقى قرونه علم أنه ألقى سلاحه ، فهو لا يظهر ؛ قال الجاحظ : قال صاحب المنطق : إن أنثى الإيّل إذا وضعت ولداً أكلت مشيمتها فتظنّ أنه شيء تتداوى به من علة النفاس ؛ وزعم أرسطو أن هذا النوع يصاد بالصفير والغناء ، وهو لا ينام ما دام يسمع ذلك ، ومن أراد صيده من الصيادين شغله بعضهم بالتطريب ، ويأتيه البعض من خلفه ، فإذا رأوه مسترخياً أذناه وثبوا عليه ؛ وإذا

الصفحة 198