كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 200 """"""
من ذلك ، وكلما بلغ مائة سنة صارت له مبولة ثانية ؛ قالوا : وشوهد منها ما له ثلاث مباول وأربع ؛ ومعادنه بلاد النوبة وزُغاوة ، ويوجد منه ما تكون شِيَتُه معمَّدةً ببياض وسوادٍ في الطول من أعضائه المستطيلة ، ومستديرة فيما استدار منها بأصح قسمة ؛ ومنها صِنفٌ يسمى الأخدري وهو أطولها أعماراً .
وقد وصفها أبو الفرج الببغاء من رسالةٍ ذكر فيها أتاناً معمّدةً ببياض وسواد كانت قد أهديت لعز الدولة بُخْتِيار بن بُوَيه من جهة صاحب اليمن ، قال : وأما الأتان ، الناطقة في كمال الصنعة بأفصح لسان ؛ فإن الزمان لاطف مولانا - أيده الله - منها بأنفس مذخور ، وأحسن منظور ؛ وأعجب مرئيّ ، وأغرب موشيّ ؛ وأفخر مركوب ، وأشرف مجنوب ؛ وأعز موجود ، وأبهى مخدود ؛ كأنما وسمها الكمال بنهايته ، أو لحظها الفلك بعنايته ؛ فصاغها من ليله ونهاره ، وحلاّها بنجومه وأقماره ، ونقشها ببدائع آثاره ؛ ورمقها بنواظر سعوده ، وجعلها أحد جدوده ؛ ذات إهابٍ مسيّر ، وقربٍ محبّر ، وذنَبٍ وشَوىً مسوَّر ؛ ووجهٍ مزجَّج ، ورأس متوَّج ؛ تكنُفه أذنان ، كأنهما زُجّان ؛ سُبجية الأنصاف ، بلّورية الأطراف ، جامعة شِيتَها بالترتيب ، بين زمني الشبيبة والمشيب ؛ فهي قيد الأبصار ، وأمد الأفكار ، ونهاية الاعتبار ؛ غني عن الحلْيِ عَطَلها ، مُزريةٌ بالزهر حللها ؛ واحدة جنسها ، وعالَم نفسها صنعةُ المنشئ الحكيم ، وتقدير العزيز العليم .
وقال ابن المعتز :
شغلته لواقحٌ ملأته . . . غَيرةً فهو خلقهن كَمِيُّ
قابضٌ جمْعَها إليه كما يج . . . مع أيتامه إليه الوصيّ

الصفحة 200