كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 203 """"""
الباب الثالث من القسم الثاني من الفن الثالث في الظبي والأرنب والقرد والنعام
ذكر ما قيل في الظبي
للظباء أسماءٌ نطقت بها العرب ، واحدها ظبي ، والأنثى ظَبية ، وولدها طَلا وغزال ؛ فإذا تحرك ومشي فهو رَشَأ ؛ فإذا ثبت قرناه فهو شادنٌ وخِشْف ؛ فإذا قوِي فهو شَصَر ، والأنثى شَصَرة ، ثم هو جَذَع ، ثم ثَنيّ ، ولا يزال ثَنيّاً حتى يموت . والظِّباء أنواعٌ تختلف بحسب مواضعها ؛ فصِنفٌ منها يسمى الآرام ، وهي الخالصة البياض ، ومساكنها الرمل ، وهي أشدها حُضراً ؛ وصِنفٌ يسمى العُفْر ، وألوانها بيضٌ تعلوها حمرة ؛ وصِنفٌ يسمى الأُدْم ، وألوانها أيضاً كذلك ، ومساكنها الجبال ؛ ومن طبع هذا الحيوان أنه إذا فقد الماء استنشق النسيم فاعتاض به عنه ؛ وهو إذا طُلب لم يجهد نفسه في الحُضْر لأوّل وهلة ، ولكنه يرفق بنفسه ، فإذا رأى طالبه قد قرُب منه زاد في حُضْره حتى يفوت الطالب ؛ وهو يخْضَم الحنظل حتى يرى ماؤه يسيل من شِدقيه ؛ ويرد الماء الملح الأُجاج فيغمس لحيته فيه كما تفعل الشاة في الماء العذب ، يطلب النوى المُنْقَع فيه ؛ وهو لا يدخل كناسه إلا مستدبراً ، يستقبل بعينيه ما يخافه على نفسه ، وله نومتان في مَكْنِسين : مَكْنس الضُّحى ، ومكنس العشيّ ، وهو يصاد بالنار ، فإنه إذا رآها ذَهِل لها ودُهش ، سيما إذا أضيف إلى إشعال النار تحريك الجرس ، فإنه ينخذل ولا يبقى به حراكٌ البتة ؛ وبين الظبي والحجل ألفةٌ ومحبّةٌ ؛ وهو يوصف بحدّة النظر .
فصل
ومما يلتحق بهذا النوع غزال المِسْك
ولونه أسود ، وله نابان خفيفان أبيضان خارجان من فيه في فكه الأسفل ، قائمان في وجهه كنابي الخنزير ، كل واحدٍ منهما دون الفِتْر ، على هيئة ناب الفيل ؛ ويكون هذا الغزال ببلاد التُّبَّت وبالهند ؛ ويقال إنه

الصفحة 203