كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)
"""""" صفحة رقم 211 """"""
وكرام الخيل المشهورة عند العرب ، وما وُصفت به الخيل في أشعار الشعراء ورسائل الفضلاء التي تتضمن مدح جيّدها وذم رديئها ، وغير ذلك على ما نوضحه - إن شاء الله تعالى - ونبيّنه ، ونأتي به على الترتيب والتحقيق ، فنقول وبالله التوفيق ، وإليه المآب .
ذكر ما ورد في ابتداء خلق الخيل وأول من ذللها وركبها
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالثعلبي في تفسيره : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عقيل الأنصاري ، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، قالا : أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي ، قال : حدّثنا محمد بن الأشرس ، قال : حدثنا أبو جعفر المديني ، قال : حدثنا القاسم بن الحسن بن زيد ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لما أراد الله أن يخلق الخيل قال للريح الجنوب : إني خالق منك خلقاً فأجعله عزاً لأوليائي ، ومذلّة على أعدائي ، وجمالاً لأهل طاعتي ؛ فقالت الريح : اخلق ، فقبض منها قبضة فخلق فرساً ، فقال له : خلقتُك عربياً وجعلت الخير معقوداً بناصيتك ، والغنائم مجموعةً على ظهرك ، وعطفتُ عليك صاحبك ، وجعلتك تطير بلا جناح ، فأنت للطلب ، وأنت للهرب ، وسأجعل على ظهرك رجالاً يسبحوني ويحمدوني ويهللوني ، تسبّحن إذا سبحوا ، وتهلّان إذا هلّلوا ، وتكبرن إذا كبروا ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ما من تسبيحة وتحميدة وتكبيرة يكبّرها صاحبها فتسمعه إلا فتجيبه بمثلها ، ثم قال : لما سمعت الملائكة صفة الفرس وعاينت خلقها ، قالت : رب ، نحن ملائكتك نسبحك ونحمدك ، فماذا لنا ؟ فخلق الله لها خيلاً بُلْقاً ، أعناقها كأعناق اليُخت ، فلما أرسل الله الفرس إلى الأرض ، واستوت قدماه على الأرض صَهَلَ ، فقيل : بوركت من دابة ، أذِلّ بصهيلك المشركين ، أُذِلُّ به أعناقهم ، وأملأ به آذانهم ، وأرعب به قلوبهم ؛ فلما عرض الله على آدم من كل شيء قال له :
الصفحة 211
248