كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 212 """"""
اختر من خلقي ما شئت ، فاختار الفرس ، فقال له : اخترت عزّك وعز ولدك خالداً ما خلدوا ، وباقياً ما بقوا ، بركتي عليك وعليهم ، ما خلقت خلقاً أحب إليّ منك ومنهم " .
وروى المسعودي في كتابه المترجم بمروج الذهب بسنده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن الله لما أراد أن يخلق الخيل أوحى إلى الريح الجنوب أني خالق منك خلقاً فاجتمعي ، فاجتمعت ، فأمر جبريل عليه السلام فأخذ منها قبضة ، قال : ثم خلق الله تعالى منها فرساً كميتاً ، ثم قال الله تعالى : خلقتك فرساً ، وجعلتك عربياً ، وفضّلتك على سائر ما خلقت من البهائم بسعة الرزق ، والغنائم تقاد على ظهرك ، والخير معقود بناصيتك ؛ ثم أرسله فصهل ، فقال له : باركت فيك ، فصهيلك أرعب به المشركين وأملأ مسامعهم ، وأزلزل أقدامهم ؛ ثم وسمه بغُرّة وتحجيل ، فلما خلق الله تعالى أدم ، قال : يا آدم ، أخبرني أي الدابتين أحببت ؟ - يعني الفرس والبُراق ، قال : وصورة البُراق على صورة البغل لا ذكر ولا أنثى - فقال آدم : يا رب اخترت أحسنها وجهاً ، فاختار الفرس ، فقال له الله : يا آدم ، اخترت أحسنهما ، اخترت عزك وعز ولدك باقياً ما بقوا ، وخالداً ما خلدوا " . هذا ما ورد في ابتداء خلق الفرس ؛ والله أعلم بالصواب ؛ وإليه المرجع والمآب .
وأما أول من ذلل الخيل وركبها - فإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، ودليل ذلك ما رواه الزبير بن بكّار في أول كتابه في أناب قريشٍ من حديث داود بن الحُصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كانت الخيل وحوشاً لا تُركب فأول من ركبها إسماعيل ، فلذلك سُميت العِراب . وما رواه أحمد بن سليمان النجّاد في بعض فوائده من حديث ابن جريج ، عن ابن عكرمة أبي مليكة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما - قال : كانت الخيل وحشاً كسائر الوحوش ، فلما أذن الله عز وجل لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام برفع القواعد من البيت ، قال الله عز وجل : إني معطيكما كنزاً ذخرته لكما ؛ ثم أوحى الله تعالى إلى إسماعيل أن

الصفحة 212