كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 221 """"""
ذكر ما قيل في أكل لحوم الخيل من الإباحة والكراهة
قد أباح أكلها جماعة ، منهم شريح والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وحماد بن أبي سليمان والثوري وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور في جماعة من السلف ، ودليلهم على ذلك ما اتفق عليه البخاري ومسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - ، فأما حديث أسماء فقالت : نحرنا فرساً على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأكلناه . وأما حديث جابر - رضي الله عنه - فقال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسمل يوم خيبر من لحوم الحمر ، ورخص - و أذن - في لحوم الخيل .
وذهب مالك وأبو حنيفة والأوزاعي إلى أنها مكروهة ، إلى أن كراهيتها عند مالك كراهية تنزيه ، لا تحريم في إحدى الروايتين عنه ، ودليلهم ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث بقية بن الوليد الحمصي ، عن ثور بن يزيد ، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب ، عن أبيه ، عن جده ، عن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير . وما تضمنته الآية من قوله تعالى : " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً " . قال صاحب الهداية الحنفي : خرجت - أي الآية مخرج الامتنان ، والأكل من أعلى منافعها ، والحكيم لا يترك الامتنان بأعلى لنعم ويمتن بأدناها ، ولأنها آلة إرهاب العدو ، فيكره أكله احتراماً له ، ولهذا يضرب له بسهم في الغنيمة ، ولا ، في إباحته تقليل آلة الجهاد ، وحديثُ جابرٍ معاوض بحديث خالد ابن الوليد ، والترجيح المحرم ، ثم قيل : الكراهية عنده كراهية تحريم ، وقيل : كراهية تنزيه ، والأول أصح ، وأما لنبه - فقد قيل : لا باس به ، إذ ليس في شربه تقليل آلة الجهاد ، انتهى كلام صاحب الهداية . وقد عورض في أدلته بأقوال ، أما الآية ، فقد قيل : الغالب في الانتفاع بهذه الدواب ما أشار الله تعالى إليه فيها الركوب والزينة ، فأما أكلها فنادر ، فخرجت

الصفحة 221