كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 230 """"""
وعن مكحول - رضي الله عنه - قال : طلعت الخيل وقد تقدمها فرس النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فبرك على ركبتيه ، وأطلع رأسه من الصف ، وقال : كأنه بحر . وفي لفظ عن مكحول : فجاء فرس له أدهم سابقاً ، وأشرف على الناس ، فقالوا : الأدهم الأدهم ، وجثا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على ركبتيه ومر به وقد انتشر ذنبه وكان معقوداً ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " البحر " .
وأول مسابقة كانت في الإسلام سنة ست من الهجرة ، سابق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بين الخيل ، فسبق فرس لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فأخذ السبق . والمسابقة مما كان في الجاهلية فأقره الإسلام ، وليس هو من باب تعذيب البهائم ، بل من تدريبها بالجري وإعدادها لحاجتها للطلب والكر ، وأختلف فيه ، هل من باب المباح ، أو من باب المرغب فيه والسنن .
وعن سعيد بن المسيب أنه قال : ليس برهان الخيل بأس إذا أدخلوا فيها محللا ليس دونها ، إن سبق أخذ السبق ، وإن سبق لم يكن عليه شيء .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : " من أدخل فرساً بين فرسين - يعني وهو لا يؤمن أن يسبق - فليس بقمار ، ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار " ، رواه أبو داود في الجهاد في باب المحلل ، ورواه ابن ماجة . قال الشيخ شرف الدين الدمياطي - رحمة الله تعالى - وقوله : من أدخل فرساً ، هو فرس المحلل إذا كان كفؤاً يخافان أن يسبقهما فيحرز السبق ، فهو جائز ، وإن كان بليداً مأموناً أن يسبق فيحرز السبق لم يحصل به معنى التحليل ، وصار إدخاله بينما لغواً لا معنى له ، وحصل الأمر على رهان من فرسين لا محلل بينهما ، وهو عين القمار . وقال القاضي أبو الفضل : لا خلاف في جواز المراهنة فيها - يعني المسابقة - وأنها خارجة من باب القمار ، لكن لذلك صور : إحداها متفق على جوازها ، والثانية متفق على منعها ، وفي الوجوه الأخر خلاف ، فأما المتفق على جوازه فأن يخرج

الصفحة 230