كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 231 """"""
الوالي سبقاً يجعله للسابق من المتسابقين ولا فرس له في الحلبة ، فمن سبق فهو له ، وكذلك لو أخرج أسباقاً أحدها للسابق ، والثاني للمصلي ، والثالث للثالث ، وهكذا ، فهو جائز ، ويأخذونه على شروطهم ، وكذلك لو فعل متطوعاً رجل من الناس ممن لا فرس له في الحلبة ، لأن هذا قد خرج من معنى القمار إلى باب المكارمة والتفضل على السابق ، وقد أخرجه عن يده بكل حال ، وأما المتفق على منعه فإن يخرج كل واحد من المتسابقين سبقاً ، فمن سبق منهما أخذ سبق صاحبه وأمسك متاعه ، فهذا قمار عند مالك والشافعي وجميع العلماء ما لم يكن بينما محلل فإن كان بينهما محلل فجعلا له السبق إن سبق ولا شيء عليه إن سبق فأجازه ابن المسيب ، وقاله مالك مرة ، والمشهور عنه أنه لا يجوز ، وقال الشافعي مثل قول ابن المسيب ، فإن سبق أحد المتسابقين أحرز سبقه وسبق صاحبه ، وإن تساويا كان لكل واحد منهما ما أخرج ، وإن سبق المحلل لتحليه السبق بدخوله ، لأنه علم أن المقصد بدخوله السبق لا المال ، وإن لم يكن بينهما محلل فمقصدهما المال والمخاطرة فيه ، وقال محمد بن الحسن نحوه والأوزاعي وأحمد وإسحاق ، ومن الوجوه المختلف فيها أن يكون الوالي أو غيره ممن أخرج السبق له فرس في الحلبة ، فيخرج سبقاً على أنه إن سبق هو حبس سبقه ، وإن سبق أخذه السابق ، فأكثر العلماء يجيزون هذا الشرط ، وهو أحد أقوال مالك وبعض أصحابه ، وهو قول الشافعي والليث والثوري وأبي حنيفة قالوا : الأسباق على مالك أربابها ، وهم فيها على شروطه ، وأبي ذلك مالك في الرواية الأخرى وبعض أصحابه وربيعة والأوزاعي ، وقالوا : لا يرجع إليه سبقه ، قال مالك : وإنما يأكله من حضر إن سبق مخرجه إن لم يكن مع المتسابقين ثالث ، فإن كان معهما ثالث فللذي يلي مخرجه إن سبق ، فإن سبق غيره فهو له بغير خلاف ، فخرج هذا عندهم عن معنى القمار جملة ، ولحق بالأول ، لأن صاحبه قد أخرجه عن ملكه جملة ، وتفضل بدفعه ، وفي الوجوه الأخر معنى من القمار والخطر ، لأنها مرة ترجع الأسباق لمخرج أحدها ، ومرة تخرج عنه إلى غيره .

الصفحة 231